للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللحم، ثم نظر فرأى الأرض محيطًا بها بحرٌ كأنها فَلْكة (١) في ماءٍ، ثم رفع طويلًا فوقع في ظُلْمَةٍ، فلم ير ما فوقه ولم ير ما تحته، فألقى اللحم، فاتَّبَعَته مُنقَضّاتٍ، فلمّا نظر الجبالُ إليهن قد أقْبَلْنَ مُنقَضّاتٍ وسَمِعْنَ حَفِيفَهُنَّ فَزِعت الجبالُ، وكادت أن تزول مِن أمكنتها، ولم يفعلن، فذلك قوله: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبالُ}. وهي في قراءة عبد الله بن مسعود: (وإن كادَ مَكْرُهُمْ). فكان طَيرُورَتُهُنَّ به مِن بيت المقدس، ووقُوعُهُنَّ في جبال الدخان، فلمّا رأى أنه لا يُطِيقُ شيئًا أخذ في بُنْيانِ الصَّرْح، فبنى، حتى إذا أسنده إلى السماء ارتقى فوقَه ينظر -يزعم- إلى إله إبراهيم، فأَحْدَثَ، ولم يكن يُحْدِثُ، وأخذ الله بنيانه من القواعد، {فخر عليهمُ السَّقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} [النحل: ٢٦]. يقولُ: مِن مأمنهم، وأخذهم مِن أساس الصَّرح، فتَنَقَّض بهم يسقط، فتَبَلْبَلَتْ ألْسُنُ الناس يومئذٍ مِن الفزع، فتكلَّموا بثلاثة وسبعين لسانًا، فلذلك سُمِّيَتْ بابل، وكان قبل ذلك بالسُّريانية (٢). (٨/ ٥٧٣ - ٥٧٤)

٤٠٠١٥ - عن عطاء الخراساني -من طريق يونس بن يزيد- في قول الله - عز وجل -: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، قال: يقول: ما كادت الجبال لتزول مِن مكرهم (٣). (ز)

٤٠٠١٦ - عن محمد بن السائب الكلبي -من طريق مَعْمَر-: أنّ نمرود عمد إلى صندوق، فجعل فيه رجلًا، وجعل في نواحيه نسورًا، وجعل في وسطه رُمْحًا، وفي طرف الرُّمح لحمًا، فكانت النسورُ تلحق اللحمَ وهي تصعد بالصندوق، حتى خالط الرجلُ الظُّلْمَةَ فلم ير شيئًا نَكَّس الرمحَ، فانْحَطَّت النسورُ حتى وقعت قريبًا مِن جبل، فظَنَّ الجبلُ أنّه حدث شيءٌ، فزال الجبل عن مكانه (٤). (ز)

٤٠٠١٧ - قال مقاتل بن سليمان: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، نظيرها فى بني إسرائيل: {وإن كادوا ليفتنونك} [الإسراء: ٧٣]، يعني: وقد كادوا، وقد كان نمروذ بن كنعان الذي حاجَّ إبراهيم في ربه، وهو أول مَن مَلَك الأرض كلها، وذلك


(١) الفلَكة بفتح اللام وتسكينها: قطعة من الأرض تستدير وترتفع عما حولها. تجمع على فَلَك. ينظر اللسان (فلك).
(٢) أخرجه ابن جرير ١٤/ ٢٠٢ - ٢٠٤. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه أبو جعفر الرملي في جزئه ص ٩٧ (تفسير عطاء الخراساني).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>