ووجَّه ابنُ جرير (١٤/ ٢٧) القول الأول -وهو قول مجاهد، وقول الضحاك، وقتادة من طريق شيبان، وابن كثير المكي- بقوله: «فكأنّ مجاهدًا ذهب في قوله وتأويله ذلك بمعنى: سُدَّت، إلى أنّه بمعنى: مُنِعَت النَّظر، كما يُسْكَر الماء فيُمْنَعُ من الجَرْيِ، بِحَبْسِه في مكانٍ بالسِّكْرِ الذي يُسْكَر به». ووجَّه (١٤/ ٢٨) القول الثاني بقوله: «وكأن هؤلاء وجَّهوا معنى قوله: {سُكِّرَتْ} إلى أنّ أبصارهم سُحِرَت، فشُبِّه عليهم ما يُبصِرون، فلا يميزون بين الصحيح مما يرون وغيره، من قول العرب: سُكِّر على فلانٍ رأيُه، إذا اختلط عليه رأيُه فيما يريد، فلم يَدْرِ الصواب فيه من غيره، فإذا عزم على الرأي قالوا: ذهب عنه التَّسْكِير». ثم رجَّحه (١٤/ ٢٩) مستندًا إلى لغة العرب قائلًا: «وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي قول مَن قال: معنى ذلك: أُخِذت أبصارنا وسُحِرت، فلا تُبْصِر الشيء على ما هو به، وذهب حدُّ إبصارها، وانطفأ نوره، كما يقال للشيء الحارِّ إذا ذَهَبت فَوْرَتُه وسكن حدُّ حرِّه: قد سَكَر يَسْكُرُ». واستشهد ببيتين من الشعر. وعلَّق ابنُ عطية (٥/ ٢٧٨) على القولين الثالث والرابع بقوله: «وهذا ونحوه تفسير بالمعنى، لا يرتبط باللفظ».