ورجَّح ابنُ جرير (١٤/ ٤٣) مستندًا إلى أقوال السلف القول الأول، وهو قول ابن مسعود وما في معناه، فقال: «والصوابُ مِن القول في ذلك عندي: أنّ الرياح لواقح كما وصفها به -جلَّ ثناؤه- مِن صفتها، وإن كانت قد تُلْقِحُ السحاب والأشجار، فهي لاقِحَةٌ مُلْقِحَةٌ، ولَقْحُها حَمْلُها الماء، وإلقاحُها السحابَ والشجرَ عملُها فيه، وذلك كما قال عبد الله بن مسعود». ونقل ابنُ عطية (٥/ ٢٨٢) في معنى الآية أنه «يُقال: لقحت الناقة والشجرة فهي لاقحة إذا حملت، والرياح تلقح الشجر والسحاب، فالوجْه في الريح أنها مُلَقِّحَة لا لاقحة». ثم ذكر أن صفة الريح بـ {لواقح} تتَّجه على أربعة أوجه: الأول ورجَّحه مستندًا إلى الدلالة العقلية، فقال: «أوَّلها وأَوْلاها: أن جعلها لاقحة حقيقة، وذلك أنّ الريح منها ما فيها عذاب أو ضر أو نار، ومنها ما فيه رحمة أو مطر أو نصر أو غير ذلك، فإذًا هي تحمل ما حمَّلَتها القدرة، أو ما علقته من الهواء أو التراب أو الماء الذي مرت عليه، فهي لاقحة بهذا الوجه، وإن كانت أيضًا تلقح غيرها وتصير إليه نفعها، والعرب تسمي الجنوب الحامل واللاقحة، وتسمي الشمال الحايل والعقيم ومَحْوة؛ لأنها تمحو السحاب». الثاني: «أن يكون وصفها بـ {لَواقِحَ} من باب قولهم: ليل نائم. أي: فيه نوم ومعه. ويوم عاصف. ونحوه». وعلَّق عليه بقوله: «فهذا على طريق المجاز». الثالث: «أن تُوصَف الرياح بـ {لَواقِحَ} على جهة النسب، أي: ذات لقح». واستشهد ببيت من الشعر. الرابع: «أن يكون {لَواقِحَ} جمع: ملقحة. على حذف زوائده، فكأنه» لَقِحَة «، فجمعها كما تجمع لاقحة»، واستشهد ببيت من الشعر.