للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لهم: يا معشر قريش، إنّه قد حضر هذا الموسم، وإنّ وفود العرب ستَقدَم عليكم فيه، وقد سمِعوا بأمر صاحبكم هذا، فاجمعوا فيه رأيًا واحدًا، ولا تختلفوا فيُكَذِّبَ بعضُكم بعضًا. فقالوا: أنتَ فقُلْ، وأقِمْ لنا به رأيًا نقول به. قال: لا، بل أنتم قولوا لِأَسْمَعَ. قالوا: نقول: كاهن. قال: ما هو بكاهن، لقد رأينا الكُهّانَ، فما هو بزَمْزَمةِ الكُهّانِ، ولا بسَجْعِهم. قالوا: فنقول: مجنون. قال: ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرَفناه، فما هو بخَنقِه، ولا تَخالُجه، ولا وسوسته. قالوا: فنقول: شاعر. قال: ما هو بشاعر، لقد عرَفنا الشِّعر كلَّه؛ رَجَزَه، وهَزَجَه، وقريضَه، ومقبوضَه، ومبسوطَه، فما هو بالشِّعر. قالوا: فنقول: ساحر. قال: ما هو بساحر، لقد رأينا السُّحّارَ، وسِحرَهم، فما هو بنَفْثِه، ولا عَقْدِه. قالوا: فماذا نقول؟ قال: واللهِ، إنّ لِقولِه حلاوةً، وإنّ أصلَه لعَذِقٌ (١)، وإن فرعَه لجَناةٌ (٢)، فما أنتم بقائلين مِن هذا شيئًا إلا عُرِف أنّه باطل، وإنّ أقرب القول أن تقولوا: ساحرٌ يُفَرِّق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وعشيرته. فتفرَّقوا عنه بذلك، فأنزل الله في الوليد، وذلك مِن قوله: {ذرني ومن خلقت وحيدًا} إلى قوله: {سأُصليه سقر} [المدثر: ١١ - ١٦]. وأنزل الله في أولئك النَّفَر الذين كانوا معه: {الذين جعلوا القرآن عضين} أي: أصنافًا، {فوربك لنسألنهم أجمعين* عما كانوا يعملون} (٣). (٨/ ٦٥٣)

٤٠٦٤٧ - عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير، وأبي ظبيان- في قوله: {كما أنزلنا على المقتسمين}، قال: هم أهل الكتاب (٤) [٣٦٢٨]. (٨/ ٦٥٢)


[٣٦٢٨] ذكر ابنُ عطية (٥/ ٣١٨) عن بعض المفسرين أنّ الكاف «من قوله: {كَما} متعلقة بفعل محذوف، تقديره: وقل إني أنا النذير بعذاب كالذي أنزلنا على المقتسمين، والكاف اسمٌ في موضع نصب». ثم انتقد ذلك مستندًا إلى ظاهر الآيات، فقال: «وهو عندي غير صحيح؛ لأن {كَما} ليس مما يقوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، بل هو من قول الله تعالى له، فينفصل الكلام». غير أنه ذَكَر لذلك وجْهًا يمكن أن يُحمَل عليه، فقال: «وإنما يترتب هذا القول بأن يُقَدَّر أن الله تعالى قال له: تنذر عذابًا كما». ثم ذهب إلى أنّ المعنى: «وقل: إني أنا نذير كما قال قبلك رسلنا، وأنزلنا عليهم كما أنزلنا عليك». ولم يذكر مستندًا، ثم ذكر احتمالًا آخر، فقال: «ويحتمل أن يكون المعنى: وقل أنا النذير كما أنزلنا في الكتب أنك ستأتي نذيرًا، وهذا على أن {المُقْتَسِمِينَ} أهل الكتاب».

<<  <  ج: ص:  >  >>