للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكونا مَلَكين، أو تُخَلَّدان -إن لم تكونا مَلَكين- في نعمة الجنة؛ فلا تموتان. يقول الله -جَلَّ ثناؤه-: {فدلاهما بغرور} [الأعراف: ٢٢] (١). (ز)

١٤٠٨ - قال محمد بن إسحاق -من طريق سَلَمة- في ذلك: الله أعلم، أكَما قال ابن عباس وأهل التوراة، أم أنه خَلَص إلى آدم وزوجته بسُلْطانه الذي جعل الله له؛ ليبتلي به آدم وذريته؟ وأنه يأتي ابن آدم في نومته، وفي يقظته، وفي كل حال من أحواله، حتى يخلص إلى ما أراد منه، حتى يدعوه إلى المعصية، ويوقع في نفسه الشهوة وهو لا يراه، وقد قال الله -تعالى ذِكْرُه-: {فوسوس لهما الشيطان}، {فأخرجهما مما كانا فيه}. وقال: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون} [الأعراف: ٢٧]. وقد قال الله لنبيه -عليه الصلاة والسلام-: {قل أعوذ برب الناس ملك الناس} [الناس: ١ - ٢] إلى آخر السورة. ثم ذكر الأخبار التي رُوِيت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «إنّ الشيطان يجري من ابن آدم مَجْرى الدَّم». ثم قال ابنُ إسحاق: وإنما أمر ابن آدم فيما بينه وبين عدو الله كأمره فيما بينه وبين آدم، فقال الله: {فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين} [الأعراف: ١٣]. ثم خلص إلى آدم وزوجته حتى كَلَّمَهما، كما قَصَّ الله علينا من خبرهما، قال: {فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى} [طه: ١٢٠]. فخلص إليهما بما خلص إلى ذريته من حيث لا يريانه، فالله أعلم أيّ ذلك كان، فتابا إلى ربهما (٢). (ز)

١٤٠٩ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب-: وسْوَس الشيطان إلى حواء في الشجرة، حتى أتى بها إليها، ثم حَسَّنها في عين آدم. قال: فدعاها آدمُ لحاجته. قالت: لا، إلا أن تأتي ههنا. فلَمّا أتى قالت: لا، إلا أن تأكل من هذه الشجرة. قال: فأكلا منها، فبدت لهما سوآتهما. قال: وذهب آدم هارِبًا في الجنة، فناداه ربه: يا آدم، أمِنِّي تَفِرُّ؟ قال: لا، يا رب، ولكن حياءً منك. قال: يا آدم، أنّى أُتِيتَ؟ قال: من قِبَل حواء، أيْ رب. فقال الله: فإنّ لها عَلَيَّ أن أُدْمِيَها في كل شهر مرة كما أدميت هذه الشجرة، وأن أجعلها سفيهة، فقد كنت خلقتها حليمة، وأن أجعلها تحمل كرهًا وتضع كرهًا، فقد كنت جعلتها تحمل يُسرًا


(١) أخرجه ابن جرير ١/ ٥٦٥.
(٢) أخرجه ابن جرير ١/ ٥٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>