واستظهر ابن عطية مستندًا إلى الدلالة العقلية القول الأول، وهو قول ابن عباس، فقال: «والأظهر في هذا كله قول ابن عباس - رضي الله عنهما - أن يكون أهل الذكر هنا: أحبار اليهود والنصارى الذين لم يُسلِموا، وهم في هذه النازلة خاصة إنما يُخبِرون بأن الرسل من البشر، وإخبارهم حجَّة على هؤلاء، فإنهم لم يزالوا مصدِّقين لهم، ولا يتهمون بشهادة لنا لأنهم مدافعون في صدر ملة محمد - صلى الله عليه وسلم - -قاتلهم الله-، وهذا هو كسر حجتهم من مذهبهم، لا أنّا افتقرنا إلى شهادة هؤلاء، بل الحق واضح في نفسه، وقد أرسلت قريش إلى يهود يثرب يسألون ويُسنِدون إليهم». وانتقد القول الثاني والثالث مستندًا إلى الدلالة العقلية قائلًا: «وهذان القولان فيهما ضعف؛ لأنه لا حجَّة على الكفار في إخبار المؤمنين بما ذُكِر، لأنهم يكذبون هذه الصنائف». واستدرك ابنُ كثير (٨/ ٣١٤) على القول الثالث -وهو قول ابن زيد، وأبي جعفر- مستندًا إلى الدلالة العقلية قائلًا: «وقول عبد الرحمن بن زيد: الذكر: القرآن. واستشهد بقوله: {إنّا نَحْنُ نزلْنا الذِّكْرَ وإنّا لَهُ لَحافِظُونَ} [الحجر: ٩] صحيح، لكن ليس هو المراد هاهنا؛ لأن المخالف لا يرجع في إثباته بعد إنكاره إليه. وكذا قول أبي جعفر الباقر: نحن أهل الذكر». ووجَّه قول أبي جعفر الباقر: نحن أهل الذكر. بقوله: «ومراده أن هذه الأمة أهل الذكر صحيح؛ فإن هذه الأمة أعلم من جميع الأمم السالفة، وعلماء أهل بيت رسول الله? والرحمة من خير العلماء إذا كانوا على السنة المستقيمة، كعلي، وابن عباس، وابني علي: الحسن والحسين، ومحمد بن الحنفية، وعلي بن الحسين زين العابدين، وعلي بن عبد الله بن عباس، وأبي جعفر الباقر: وهو محمد بن علي بن الحسين، وجعفر ابنه، وأمثالهم وأضرابهم وأشكالهم، ممن هو متمسك بحبل الله المتين، وصراطه المستقيم، وعرف لكل ذي حقٍّ حقَّه، ونزَّل كلًّا المنزل الذي أعطاه الله ورسوله، واجتمع إليه قلوب عباده المؤمنين».