ثم رجّحه، ورجّح عدم النسخ في الآية، وانتقد بقية الأقوال مستندًا إلى لغة العرب، وعدم وجود دليل على النسخ، وقال: «وذلك أن السكر في كلام العرب على أحد أوجه أربعة: أحدها: ما أسكر من الشراب. والثاني: ما طعم من الطعام. والثالث: السكون. والرابع: المصدر من قولهم: سكر فلان يسكر سُكْرًا وسَكْرًا وسَكَرًا، فإذا كان ذلك كذلك، وكان ما يسكر من الشراب حرامًا، وكان غير جائز لنا أن نقول: هو منسوخ، إذ كان المنسوخ هو ما نفى حكمه الناسخ، وما لا يجوز اجتماع الحكم به وناسخه، ولم يكن في حكم الله -تعالى ذكره- بتحريم الخمر دليل على أن السكر الذي هو غير الخمر وغير ما يسكر من الشراب حرام، إذ كان السكر أحد معانيه عند العرب، ومن نزل بلسانه القرآن هو كل ما طعم، ولم يكن مع ذلك، إذ لم يكن في نفس التنزيل دليل على أنه منسوخ، أو ورد بأنه منسوخ خبر من الرسول، ولا أجمعت عليه الأمة؛ فوجب القول بما قلنا من أن معنى السكر في هذا الموضع: هو كل ما حل شربه مما يتخذ من ثمر النخل والكرم، وفسد أن يكون معناه: الخمر، أو ما يسكر من الشراب، وخرج من أن يكون معناه: السكر نفسه؛ إذ كان السكر ليس مما يتخذ من النخل والكرم، ومن أن يكون بمعنى السكون». وقال ابنُ عطية (٥/ ٣٧٩): «والسكر: ما يسكر. هذا هو المشهور في اللغة». وانتقد دعوى النسخ، فقال: «وقال بعض الفرقة التي رأت السكر الخمر: إنّ هذه الآية منسوخة بتحريم الخمر. وفي هذه المقالة درك؛ لأن النسخ إنما يكون في حكم مستقر مشروع».