للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الدنيا (١). (ز)

٤٢٠٤٦ - قال مقاتل بن حيان: يعني: العيش في الطاعة (٢). (ز)

٤٢٠٤٧ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} قال: الحياة الطيبة في الآخرة هي الجنة، تلك الحياة الطيبة، قال: {ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} وقال: ألا تراه يقول: {يا ليتني قدمت لحياتي} [الفجر: ٢٤]. قال: هذه آخرته. وقرأ أيضًا: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} [العنكبوت: ٦٤]. قال: الآخرة دار حياة لأهل النار وأهل الجنة، ليس فيها موت لأحد من الفريقين (٣). (ز)

٤٢٠٤٨ - عن أبي معاوية الأسود -من طريق عمرو بن أسلم العابد- يقول في قوله: {فلنحيينه حياة طيبة}، قال: الرِّضا والقناعة (٤). (ز)

٤٢٠٤٩ - قال يحيى بن سلّام: مَن قال: إنها القناعة؛ يقول: هي حياة طيبة في الدنيا (٥) [٣٧٤١]. (ز)


[٣٧٤١] اختُلِف في المراد بالحياة الطيبة على خمسة أقوال: الأول: أنّ المراد: أنه تعالى يحييهم في الدنيا ما عاشوا فيها بالرزق الحلال. والثاني: أنّ المراد: أنه تعالى يرزقهم في الدنيا القناعة. والثالث: أنّ المراد: أنه تعالى يحييهم في الدنيا حياة مؤمنين به عاملين بطاعته. والرابع: أنّ المراد: أنه تعالى يحييهم في الدنيا سعداء. والخامس: أنّ المراد بالحياة الطيبة: حياة الآخرة، ونعيم الجنة.
ورجَّحَ ابنُ جرير (١٤/ ٣٥٤ - ٣٥٥) القولَ الثانيَ -وهو قول عليّ، والحسن، ووهب بن منبه، ومحمد بن كعب، وغيرهم- استنادًا إلى السياق، والدلالة العقلية، فقال: «أولى الأقوال بالصواب قول من قال: تأويل ذلك: فلنحيينه حياة طيبة بالقناعة. وذلك أنّ من قنَّعه الله بما قسم له من رزق لم يكثر للدنيا تعبه، ولم يعظم فيها نصبه، ولم يتكدر فيها عيشه باتباعه بغية ما فاته منها، وحرصه على ما لعله لا يدركه فيها. وإنما قلت ذلك أولى التأويلات في ذلك بالآية لأن الله -تعالى ذكره- أوعد قومًا قبلها على معصيتهم إياه إن عصوه أذاقهم السوء في الدنيا والعذاب في الآخرة، فقال تعالى: {ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها، وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله} فهذا لهم في الدنيا، {ولكم} في الآخرة {عذاب عظيم} فهذا لهم في الآخرة، ثم أتبع ذلك ما لمن أوفى بعهد الله وأطاعه، فقال تعالى: {ما عندكم} في الدنيا {ينفد وما عند الله باق}، فالذي أوعد أهل المعاصي بإذاقتهم هذه السيئة بحكمته أراد أن يعقب ذلك الوعد لأهل طاعته بالإحسان في الدنيا، والغفران في الآخرة، وكذلك فعل -تعالى ذكره-».
وعَلَّقَ (١٤/ ٣٥٥) على القول الأول بقوله: «وأما القول الذي روي عن ابن عباس أنه: الرزق الحلال. فهو محتمل أن يكون معناه الذي قلنا في ذلك من أنه تعالى يقنعه في الدنيا بالذي يرزقه من الحلال وإن قلَّ، فلا تدعوه نفسه إلى الكثير منه من غير حله، لا أنه يرزقه الكثير من الحلال، وذلك أن أكثر العاملين لله تعالى بما يرضاه من الأعمال لم نرهم رزقوا الرزق الكثير من الحلال في الدنيا، ووجدنا ضيق العيش عليهم أغلب من السعة».
وعلَّقَ ابنُ عطية (٥/ ٤٠٦) على القول الخامس -وهو قول مجاهد، وقتادة، وابن زيد، وقول آخر للحسن- بقوله: «هناك هو الطيب على الإطلاق، ولكن ظاهر هذا الوعد أنه في الدنيا». ثم قال: «والذي أقول: إن طيب الحياة اللازم للصالحين إنما هو بنشاط نفوسهم ونُبلها وقوة رجائهم، والرجاء للنفس أمر مُلِذٌّ، فبهذا تطيب حياتهم، وأنهم احتقروا الدنيا فزالت همومها عنهم، فإن انضاف إلى هذا مال حلال، وصحة، أو قناعة؛ فذلك كمال، وإلا فالطيب فيما ذكرناه راتب».
وذَهَبَ ابنُ كثير (٨/ ٣٥٢ - ٣٥٣ بتصرّف) مستندًا إلى السُّنَّة إلى أنّ الحياة الطيبة تشمل كل تلك الأقوال، فقال: «الصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله، كما جاء في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافًا، وقنعه الله بما آتاه»، «قد أفلح من هدي للإسلام، وكان عيشه كفافًا، وقنع به»».

<<  <  ج: ص:  >  >>