قال ابن عطية: «تقدير الآية: فإذا أخذت في قراءة القرآن. كما قال - عز وجل -: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} [المائدة: ٦]، وكما تقول لرجل: إذ أكلت فقل: بسم الله». وقال ابنُ كثير: «الصحيح الأول؛ لما تقدم من الأحاديث الدالة على تقدمها على التلاوة». وقال ابنُ القيم: «وكأن من قال: إن الاستعاذة بعد القراءة. لاحظ هذا المعنى [يعني: بقاء فائدة القرآن، وحفظها، وثباتها]، وهو لعمر الله ملحظ جيد، إلا أن السنة وآثار الصحابة إنما جاءت بالاستعادة قبل الشروع في القراءة، وهو قول جمهور الأمة من السلف والخلف». وقال ابنُ جرير (١٤/ ٣٥٧) مبينًا المعنى: «إذا كنت -يا محمد- قارئًا القرآن؛ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم». واختُلِف في حكم الاستعاذة أواجبة هي، أو مندوبة؟ على قولين. وذَهَبَ ابنُ جرير، وابنُ عطية، وابنُ كثير استنادًا إلى الإجماع، وأقوال السلف إلى أنّ الاستعاذة ليست واجبة. قال ابنُ جرير (١٤/ ٣٥٧): «ليس قوله: {فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} بالأمر اللازم، وإنما هو إعلام وندب، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن من قرأ القرآن ولم يستعذ بالله من الشيطان الرجيم قبل قراءته أو بعدها أنه لم يضيع فرضًا واجبًا. وكان ابن زيد يقول في ذلك نحو الذي قلنا». وقال ابنُ عطية (٥/ ٤٠٧): «الاستعاذة ندب عند الجميع». وقال ابنُ كثير (٨/ ٣٥٣): «وهذا أمر ندب ليس بواجب، حكى الإجماع على ذلك أبو جعفر ابن جرير، وغيره من الأئمة».