للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٠٠ - عن الحسن البصري -من طريق البراء بن يزيد- في قوله: {فَإمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى}، قال: القرآن (١) [١٩٠]. (ز)

١٥٠١ - قال مقاتل بن سليمان: {فَإمّا يَأْتِيَنَّكُمْ} يعني: ذُرِّيَّة آدم، فإن يأتيكم (٢) يا ذرِّيَّة آدم {مِنِّي هُدىً} يعني: رسولًا وكتابًا فيه البيان. ثُمّ أخبر بمستقر من اتَّبَع الهدى في الآخرة، قال سُبحانه: {فَمَن تَبِعَ هُدايَ} (٣). (ز)

١٥٠٢ - عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- في قول الله - عز وجل -: {فَإمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى}، يعني بالهدى: محمدًا - صلى الله عليه وسلم - (٤) [١٩١]. (ز)


[١٩٠] حكمَ ابنُ كثير (١/ ٣٧٢) على قولي الحسن ومقاتل بن حيان الآتي بقوله: «وهذان القولان صحيحان». ثم قال: «وقول أبي العالية أعَمّ».
[١٩١] رجَّحَ ابن جرير (١/ ٥٩٠ - ٥٩١) مُسْتَدِلًّا بالسياقِ، وأقوالِ الحجّة من أهل التأويلِ أن يكون المقصود بقوله: {فَإمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} أي: بيان من أمري وطاعتي، ورشادٌ إلى سبيلي وديني، فقال: «وقول أبي العالية في ذلك، وإن كان وجهًا من التأويل تحتمله الآية؛ فأقرب إلى الصواب منه عندي، وأشبه بظاهر التلاوة أن يكون تأويلها: فإما يأتينكم مني، يا معشر من أهبطتُه إلى الأرض من سمائي، وهو آدم وزوجته وإبليس، كما قد ذكرنا قبلُ في تأويل الآية التي قبلها: إما يأتينكم مني بيان من أمري وطاعتي، ورشاد إلى سبيلي وديني، فمن اتَّبعه منكم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وإن كان قد سلف منهم قبل ذلك إليَّ معصية، وخلاف لأمري وطاعتي. يعرِّفهم بذلك -جَلَّ ثناؤه- أنّه التائب على من تاب إليه من ذنوبه، والرحيم لمن أناب إليه، كما وصف نفسه بقوله: {إنه هو التواب الرحيم}، وذلك أن ظاهر الخطاب بذلك إنما هو للذين قال لهم -جلَّ ثناؤه-: {اهبطوا منها جميعا}، والذين خُوطِبوا به هم مَن سمَّينا في قول الحُجَّة من الصحابة والتابعين الذين قد قَدَّمنا الرواية عنهم. وذلك وإن كان خطابًا من الله -جلَّ ذِكْرُه- لِمَن أُهبِط حينئذ من السماء إلى الأرض، فهو سنة الله في جميع خلقه، وتعريف منه بذلك للذين أخبر عنهم في أول هذه السورة بما أخبر عنهم في قوله: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} [البقرة: ٦]، وفي قوله: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} [البقرة: ٨]، وأنّ حكمه فيهم إن تابوا إليه وأنابوا واتبعوا ما أتاهم من البيان من عند الله على لسان رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، أنّهم عنده في الآخرة مِمَّن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأنّهم إن هلكوا على كفرهم وضلالتهم قبل الإنابة والتوبة كانوا من أهل النار المُخَلَّدين فيها».

<<  <  ج: ص:  >  >>