للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن مسجد الكعبة جاءه ثلاثةُ نفرٍ قبل أن يُوحى إليه [٣٧٨٦] وهو نائمٌ في المسجد الحرام، فقال أوَّلُهم: أيُّهم هو؟ فقال أوسطُهم: هو خيرُهم. فقال أحدُهم: خُذوا خيرَهم. فكانت تلك الليلة (١)، فلم يَرَهم حتى أتَوه ليلةً أخرى، فيما يَرى قلبُه، وتنام عيناه ولا ينامُ قلبُه، وكذلك الأنبياء تنامُ أعينُهم ولا تنامُ قلوبُهم، فلم يكلِّمُوه حتى احتمَلوه، فوضَعوه عند بئر زمزم، فتولّاه منهم جبريل، فشقَّ جبريل ما بين نحرِه إلى لَبَّتِه (٢). حتى فرَغ مِن صدرِه وجوفِه، فغسَله مِن ماءِ زمزمَ بيده حتى أنقى جوفَه، ثم أتى بطَستٍ مِن ذهب تَورٌ (٣) مِن ذهب مَحْشُوًّا (٤) إيمانًا وحكمة، فحشا به صدرَه ولغاديدَه -يعني: عروقَ حلقِه-، ثم أطبَقه، ثم عرَج به إلى السماء الدنيا، فضرَب بابًا من أبوابها، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومَن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بُعِث إليه؟ قال: نعم. قالوا: مرحبًا به وأهلًا. ووجَد في السماء الدنيا آدم، فقال له جبريل: هذا أبوك آدمُ، فسلِّم عليه. فسلَّم عليه، وردَّ عليه آدم، وقال: مرحبًا وأهلًا بابني، نِعمَ الابن أنت. فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يَطَّرِدان، فقال: «ما هذان النهران، يا جبريل؟». قال: هذا النيل والفرات عُنصَرُهما (٥). ثم مضى به في السماء، فإذا هو بنهر آخر عليه قصر مِن لؤلؤ وزَبَرجَدٍ، فضرَب بيدِه فإذا هو مِسْكٌ أذفَرُ (٦)، قال: «ما هذا، يا جبريل؟». قال: هذا الكوثر الذي خَبَأ لك ربُّك. ثم عرج به إلى السماء الثانية، فقالت الملائكة له مثلَ ما قالت له الأولى: مَن هذا؟ قال: جبريل. قالوا: ومن معك؟ قال: محمد. قالوا: وقد بُعِث إليه؟ قال: نعم. قالوا: مرحبًا به وأهلًا. ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فقالوا


[٣٧٨٦] قال ابن عطية (٥/ ٤٣٧): «وقع في الصحيحين لشريك بن أبي نمر وهْمُ في هذا المعنى، فإنّه روى حديث الإسراء، فقال فيه: وذلك قبل أن يوحى إليه. ولا خلاف بين المحدثين أن هذا وهم مِن شريك».

<<  <  ج: ص:  >  >>