للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢٥٩٥ - عن مجاهد بن جبر -من طريق يزيد، عن جرير بن حازم، عن حميد- أنّه قرأها: «ويَخْرُجُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتابًا» بفتح الياء. قال يزيد: يعني: يَخرج الطائر كتابًا (١) [٣٨٠٧]. (٩/ ٢٧٤)


[٣٨٠٧] اخْتُلِف في قراءة قوله تعالى: {ونُخْرِجُ لَهُ} على ثلاثة أوجه: الأول: بنون العَظَمة، هكذا {ونُخْرِجُ}، بمعنى: ونخرج له نحن يوم القيامة. والثاني: بياء مفتوحة، هكذا «ويَخْرُجُ» بمعنى: يَخْرُجُ الطائرُ كتابًا. والثالث: بياء مضمومة، هكذا «ويُخْرَجُ»، على مذهب ما لم يُسَمّ فاعلُه.
واخْتُلِف في قراءة قوله تعالى: {يَلْقاهُ} على وجهين: الأول: بفتح الياء وتخفيف القاف، هكذا (يَلْقاهُ). والثاني: بضمّ الياء وتشديد القاف، هكذا (يُلَقّاهُ)، على مذهب ما لم يسم فاعله. وقرأ أُبَيّ بن كعب - رضي الله عنهما - الآية هكذا (وكُلَّ إنْسانٍ ألْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ يَقْرَؤُه يَوْمَ القِيامَةِ كِتابًا يَلْقاهُ مَنشُورًا).
ووجَّهَ ابنُ جرير (١٤/ ٥٢٢) قراءة «ويَخْرُجُ» بقوله: «كأن مَن قرأ هذه القراءة وجَّه تأويل الكلام إلى: ويَخْرُجُ له الطائرُ الذي ألزمناه عنق الإنسان يوم القيامة، فيصير كتابًا يقرؤه منشورًا».
ووجَّهَ ابنُ جرير (١٤/ ٥٢٢) قراءة «ويُخْرَجُ» بقوله: «كأنه وجَّه معنى الكلام إلى: ويُخْرَجُ له الطائرُ يومَ القيامة كتابًا، يريد: ويُخْرِجُ اللهُ ذلك الطائرَ قد صيره كتابًا، غير أنه قال: «ويُخْرَجُ»؛ لأنه نحّاه نحو ما لم يُسَمّ فاعلُه».
ثم قال مُرَجِّحًا (١٤/ ٥٢٢ - ٥٢٣): «أولى القراءات في ذلك بالصواب قراءة مَن قرأه: {ونُخْرِجُ} بالنون وضمِّها {لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتابًا يَلْقاهُ مَنشُورًا} بفتح الياء وتخفيف القاف؛ لأن الخبر جرى قبل ذلك عن الله تعالى أنه الذي ألزم خلقه ما ألزم من ذلك، فالصواب أن يكون الذي يليه خبرًا عنه، أنه هو الذي يخرجه لهم يوم القيامة، وأن يكون بالنون كما كان الخبر الذي قبله بالنون. وأما قوله: {يَلْقاهُ} فإن في إجماع الحجة من القراء على تصويب ما اخترنا من القراءة في ذلك، وشذوذ ما خالفه؛ الحجة الكافية لنا على تقارب معنى القراءتين، أعني: ضم الياء وفتحها في ذلك، وتشديد القاف وتخفيفها فيه». ثم بيَّنَ المعنى على القراءة المختارة، فقال: «فإذا كان الصواب في القراءة هو ما اخترنا بالذي عليه دللنا، فتأويل الكلام: وكل إنسان منكم -يا معشر بني آدم- ألزمناه نحسه وسعده وشقاءه وسعادته بما سبق له في علمنا أنه صائر إليه، وعامل من الخير والشر في عنقه، فلا يجاوز في شيء من أعماله ما قضينا عليه أنه عامله، وما كتبنا له أنه صائر إليه، ونحن نخرج له إذا وافانا كتابًا يصادفه منشورًا بأعماله التي عملها في الدنيا، وبطائره الذي كتبنا له، وألزمناه إياه في عنقه، قد أحصى عليه ربه فيه كل ما سلف في الدنيا».

<<  <  ج: ص:  >  >>