للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٣٢٣٥ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: {إذ يستمعون إليك}، قال: هي في مِثْلِ قول الوليد بن المغيرة ومَن معه في دار الندوة (١). (٩/ ٣٧٢)

٤٣٢٣٦ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: {إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون} الآية: ونجواهم أن زعموا أنّه مجنون، وأنه ساحر، وقالوا: أساطير الأولين (٢). (ز)

٤٣٢٣٧ - قال مقاتل بن سليمان: {نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك} يا محمد، وأنت تقرأ القرآن، {وإذ هم نجوى}. فبيَّن نجواهم في سورة الأنبياء: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} يعني: فيما بينهم، {هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون} [الأنبياء: ٣]. فذلك قوله سبحانه: {إذ يقول الظالمون} يعني: الوليد بن المغيرة وأصحابه: {إن تتبعون إلا رجلا مسحورا} يعني بالمسحور: المغلوب على عقله. نظيرها في الفرقان: {وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا} [الفرقان: ٨] (٣). (ز)

٤٣٢٣٨ - قال يحيى بن سلّام: قوله: {نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى} يتناجون في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، {إذ يقول الظالمون} المشركون: {إن تتبعون إلا رجلا مسحورا}. قال: بلغنا أن أبا سفيان بن حرب، وأبا جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة في رهط من قريش؛ قاموا من المسجد إلى دار في أصل الصفا، فيها نبي الله يصلي، فاستمعوا، فلما فرغ نبي الله من صلاته قال أبو سفيان: يا أبا الوليد -لعتبة-، أنشدك الله، هل تعرف شيئًا مما يقول؟ فقال عتبة: اللهم أعرف بعضًا وأُنكِر بعضًا. فقال أبو جهل: فأنت، يا أبا سفيان؟ فقال أبو سفيان: اللهم نعم. قال أبو سفيان لأبي جهل: يا أبا الحكم، هل تعرف مما يقول شيئًا؟ فقال أبو جهل: لا، واللهِ الذي جعلها بيته -يعني: الكعبة-، ما أعرفُ مما يقول قليلًا ولا كثيرًا. {إن تتبعون إلا رجلا مسحورا}، يعني: المؤمنين (٤) [٣٨٥٢]. (ز)


[٣٨٥٢] نقل ابنُ جرير (١٤/ ٦١٢) عن بعض أهل العربية في قوله تعالى: {إنْ تَتَّبِعُونَ إلا رَجُلًا مَسْحُورًا} أن المعنى: «ما تتَّبعون إلا رجلًا له سَحْرٌ، أي: له رِئَةٌ، والعرب تسمِّي الرِّئَة سَحْرًا، والسَّحْرُ من قولهم للرجل إذا جبُن: قد انتفخ سَحْرُه. وكذلك يقال لكلِّ ما أكَل أو شرِب من آدميٍّ وغيرِه: مسحورٌ، ومُسَحَّرٌ ... فكأن معناه عنده كان: إن تتَّبعون إلا رجلًا له رِئَةٌ، يأكل الطعام، ويشرب الشَّراب، لا مَلَكًا لا حاجة به إلى الطعام والشراب». ثم علَّق عليه بقوله: «والذي قال من ذلك غيرُ بعيدٍ من الصواب».
وذكر ابنُ عطية (٥/ ٤٨٩) أن قوله تعالى: {مَسْحُورًا} «الظاهر فيه أن يكون من السِّحْر، فشبَّهوا الخبال الذي عنده بزعمهم، وأقواله الوخيمة برأيهم، بما يكون من المسحور الذي قد خبل السِّحْر عقله، وأفسد كلامه». ثم وجَّهه بقوله: «وتكون الآية -على هذا- شبيهة بقول بعضهم: بِهِ جِنَّةٌ. ونحو هذا». ونقل عن أبي عبيدة أن {مَسْحُورًا} معناه: ذا سَحْر، وهي الرئة، ثم وجَّهه بقوله: «فكأن مقصد الكفار بهذا التشبيه على أنه بشر».
ثم رجَّح القول الأول مستندًا إلى الدلالة العقلية أنه من السِّحْر قائلًا: «والآية التي بعد هذا تُقَوِّي أن اللفظة التي في الآية من السِّحْر -بكسر السين-، لأن (في هذا الموضع بياضًا في جميع أصول تفسير ابن عطية كما ذكر محقّقوه؛ ولعل الكلمة القريبة: {مسحورًا}) حينئذ في قولهم ضَرْبُ مَثَل له، وأما على أنها من السَّحْر الذي هو الرِّئة، ومن التَّغَذِّي، وأن تكون الإشارة إلى أنه بشر؛ فلم يُضرب له في ذلك مثل، بل هو صفة حقيقة له».
وانتقد ابنُ كثير (٩/ ٢٤) تصويب ابن جرير لقول من قال: إنه مِن السَّحْر. قائلًا: «وفيه نظر؛ لأنهم أرادوا هاهنا أنه مسحور له رَئِيٌّ يأتيه بما استمعوه من الكلام الذي يتلوه، ومنهم مَن قال: شاعر. ومنهم من قال: كاهن. ومنهم من قال: مجنون. ومنهم من قال: ساحر. ولهذا قال تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا}، أي: فلا يهتدون إلى الحق، ولا يجدون إليه مخلصًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>