وقد رجّح ابنُ جرير (١٤/ ٦٣١ - ٦٣٢) مستندًا إلى الدلالة العقلية القول الأول، وبيَّن احتمال صوابَ القول الثاني، وانتقد الثالث، فقال: «وأولى الأقوال بتأويل هذه الآية قولُ عبد الله بن مسعود الذي رويناه عن أبي معمر عنه، وذلك أن الله -تعالى ذِكْرُه- أخبر عن الذين يدعونهم المشركون آلهة أنهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعلوم أنّ عزيرًا لم يكن موجودًا على عهد نبينا عليه الصلاة والسلام فيبتغي إلى ربه الوسيلة، وأن عيسى قد كان رفع، وإنما يبتغي إلى ربه الوسيلة مَن كان موجودًا حيًّا يعمل بطاعة الله، ويتقرب إليه بالصالح من الأعمال، فأما من كان لا سبيل له إلى العمل فبم يبتغي إلى ربه الوسيلة؟! فإذا كان لا معنى لهذا القول فلا قول في ذلك إلا قول مَن قال ما اخترنا فيه من التأويل، أو قول من قال: هم الملائكة. وهما قولان يحتملهما ظاهر التنزيل». وذكر ابنُ عطية (٥/ ٥٠٠) قولًا عن ابن فورك وغيره «أن الكلام من قوله: {أُولئِكَ الَّذِينَ} راجع إلى النبيين المتقدم ذكرهم». ثم علّق عليه قائلا: «فـ {يَدْعُونَ} على هذا من الدعاء».