[٣٨٨٨] اختُلِف في الفتنة التي كاد المشركون أن يفتنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها عن الذي أوحى الله إليه إلى غيره على قولين: الأول: أنّ ذلك الإلمام بالآلهة؛ لأن المشركين دعوه إلى ذلك، فَهَمَّ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والثاني: أنّ ذلك كان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - همَّ أن يُنظِرَ قومًا بإسلامهم إلى مُدَّة سألوه الإنظار إليها. وذَهَبَ ابنُ جرير (١٥/ ١٥) إلى أنّ كِلا القولين جائز لعدم الدليل على تعيين أحدهما، فقال: «الصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله -تعالى ذكره- أخبر عن نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن المشركين كادوا أن يفتنوه عما أوحاه الله إليه ليعمل بغيره، وذلك هو الافتراء على الله. وجائز أن يكون ذلك كان ما ذكر عنهم من ذكر أنهم دعوه أن يمسَّ آلهتهم ويُلِمَّ بها، وجائز أن يكون كان ذلك ما ذُكِر عن ابن عباس من أمر ثقيف، ومسألتهم إياه ما سألوه مما ذكرنا، وجائز أن يكون غير ذلك، ولا بيان في الكتاب ولا في خبر يقطع العذر أيّ ذلك كان، والاختلاف فيه موجود على ما ذكرنا، فلا شيء فيه أصوبُ من الإيمان بظاهره، حتى يأتي خبرٌ يجب التسليم له ببيان ما عنى بذلك منه». وعلَّقَ ابنُ عطية (٥/ ٥١٩) على القولين، فقال: «وجمع ما أُريد من النبي - صلى الله عليه وسلم - بحسب هذا الاختلاف قد أوحى الله إليه خلافه؛ إما في مُعْجِز، وإما في غير مُعْجِز، وفعله هو -إن لو وقع- افتراء على الله؛ إذ أفعاله وأقواله إنما هي كلها شرع».