ورجَّح ابنُ جرير (١٥/ ٥٩ - ٦٠) مستندًا إلى السياق القول الأول الذي قاله الحسن، وقتادة، فقال: «لأن ذلك عقيب خبر الله عما كان المشركون همُّوا به من إخراجه من مكة، فأعلمه الله - عز وجل - أنهم لو فعلوا ذلك عوجلوا بالعذاب عن قريب، ثم أمره بالرغبة إليه في إخراجه من بين أظهرهم إخراج صدق يحاوله له عليهم، ويدخله بلدة غيرها بمدخل صدق يحاوله له عليهم ولأهلها في دخولها إليها، وأن يجعل له سلطانًا نصيرًا على أهل البلدة التي أخرجه أهلها منها، وعلى كل من كان لهم شبيهًا، وإذا أوتي ذلك فقد أوتي -لا شك- حجة بينة». وكذا رجَّحه ابنُ كثير مستندًا إلى النظائر، والواقع، فقال: «لأنه لا بُدَّ مع الحق من قهر لمن عاداه وناوأه؛ ولهذا قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} [الحديد: ٢٥]، وفي الحديث: «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن». أي: ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام ما لا يمتنع كثير من الناس بالقرآن، وما فيه من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد، وهذا هو الواقع».