للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العيص بن أمية، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمله على أهل مكة وقال: «انطلق فقد استعملتك على أهل الله» -يعني مكة-، فكان شديدًا على المذنب، ليّنًا للمؤمنين، فقال: لا والله لا أعلم متخلفا يتخلف عن الصلاة في جماعة إلّا ضربت عنقه، فإنه لا يتخلف عنها إلّا منافق، فقال أهل مكة: يا رسول الله تستعمل على هل الله عتّاب بن أسيد أعرابيًّا جافيًا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني رأيت فيما يرى النائم كأن عتاب بن أسيد أتى باب الجنة فأخذ بحلقه الباب ففتلها فتلًا شديدًا حتّى فتح له، فدخلها فأعز الله به الإسلام لنصرته المسلمين على من يريد ظلمهم، فذلك السلطان النصير» (١). (ز)

٤٣٨٥٩ - قال مقاتل بن سليمان: {واجعل لي من لدنك} يعني: مِن عندك {سلطنا نصيرًا} يعني: النصر على أهل مكة، ففعل الله تعالى ذلك به، فافتتحها (٢). (ز)

٤٣٨٦٠ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا} قال: ينصرني، وقد قال الله لموسى: {سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا} [القصص: ٣٥]، هذا مقدم ومؤخر، إنما هو سلطان بآياتنا فلا يصلون إليكما (٣) [٣٩٠٧]. (ز)


[٣٩٠٧] اختُلِف في المراد بقوله: {واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا} على أقوال: الأول: يعني: مُلكًا عزيزًا أقهر به العصاة. الثاني: حجة بيِّنة.
ورجَّح ابنُ جرير (١٥/ ٥٩ - ٦٠) مستندًا إلى السياق القول الأول الذي قاله الحسن، وقتادة، فقال: «لأن ذلك عقيب خبر الله عما كان المشركون همُّوا به من إخراجه من مكة، فأعلمه الله - عز وجل - أنهم لو فعلوا ذلك عوجلوا بالعذاب عن قريب، ثم أمره بالرغبة إليه في إخراجه من بين أظهرهم إخراج صدق يحاوله له عليهم، ويدخله بلدة غيرها بمدخل صدق يحاوله له عليهم ولأهلها في دخولها إليها، وأن يجعل له سلطانًا نصيرًا على أهل البلدة التي أخرجه أهلها منها، وعلى كل من كان لهم شبيهًا، وإذا أوتي ذلك فقد أوتي -لا شك- حجة بينة».
وكذا رجَّحه ابنُ كثير مستندًا إلى النظائر، والواقع، فقال: «لأنه لا بُدَّ مع الحق من قهر لمن عاداه وناوأه؛ ولهذا قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} [الحديد: ٢٥]، وفي الحديث: «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن». أي: ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام ما لا يمتنع كثير من الناس بالقرآن، وما فيه من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد، وهذا هو الواقع».

<<  <  ج: ص:  >  >>