للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنَ العلم إلّا قليلًا}؛ فقال أحدهما: إنما أُريد بها أهلُ الكتابِ. وقال الآخرُ: بل أمَّة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فانطلق أحدُهما إلى ابن مسعود، فسأله، فقال: ألست تقرأُ سورةَ البقرة؟ فقال: بلى. فقال: وأيُّ العلمِ ليس في سورة البقرة؟! إنما أُريد بها أهلُ الكتابِ (١). (٩/ ٤٣٤)

٤٣٩٢٧ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {وما أوتيتُم من العلمِ إلا قليلًا}، يعني: اليهود (٢). (٩/ ٤٣٦)

٤٣٩٢٨ - قال مقاتل بن سليمان: ثم قال سبحانه: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} عندي، كثيرًا عندكم. وذلك أنّ اليهود قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنّ في التوراة علم كل شيء. وقال الله -تبارك وتعالى- للنبي - صلى الله عليه وسلم -: قل لليهود: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} عندي، كثيرًا عندكم، وعلم التوراة عندكم كثير. فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: مَن قال هذا؟ فواللهِ، ما قاله لك إلا عدوٌّ لنا. يعنون: جبريل - عليه السلام -، ثم قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: خاصة لنا أنّا لم نؤت من العلم إلا قليلًا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بل الناس كلهم عامة». فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ولا أنت ولا أصحابك؟ فقال: «نعم». فقالوا: كيف تجمع بين هاتين؟ تزعم أنك أوتيت الحكمة، ومَن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، وتزعم أنك لم تؤت من العلم إلا قليلًا؟ فنزلت: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} إلى آخر الآية [لقمان: ٢٧]، نزلت: {قل لو كان البحر مدادا} إلى آخر الآية [الكهف: ١٠٩] (٣). (ز)

٤٣٩٢٩ - عن عبد الملك ابن جريج -من طريق حجاج- في قوله: {وما أُوتيتُم من العلمِ إلا قليلًا}، قال: يا محمدُ، والناس أجمعون (٤). (٩/ ٤٣٦)

٤٣٩٣٠ - قال يحيى بن سلّام: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}، أي: إنّ علمكم الذي آتاكم الله قليلٌ في علم الله (٥) [٣٩١٩]. (ز)


[٣٩١٩] اختُلِف فيمن خوطب بقوله: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} على ثلاثة أقوال: الأول: أنهم اليهود خاصة. الثاني: النبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر الخلق. الثالث: أنهم سائلو النبي من اليهود فقط. ذكره ابنُ عطية (٥/ ٥٣٥)، وأدخل ابنُ جرير (١٥/ ٧٣) تحت هذا القول قول قتادة: إنهم اليهود.
وعلَّق ابنُ جرير (١٥/ ٧٢) على القول الثاني الذي قاله عطاء، وابن جريج، ومقاتل، بقوله: «فإنه عنى بذلك: الذين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الروح وجميع الناس غيرهم، ولكن لما ضم غير المخاطَب إلى المخاطَب خرج الكلام على المخاطَبة؛ لأن العرب كذلك تفعل إذا اجتمع في الكلام مخبر عنه غائب ومخاطَب، أخرجوا الكلام خطابًا للجمع».
ورجَّحه (١٥/ ٧٣) مستندًا إلى اللغة، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: خرج الكلام خطابًا لمن خوطب به، والمراد به: جميع الخلق؛ لأن علم كل أحد سوى الله وإن كثر في علم الله قليل. وإنما معنى الكلام: وما أوتيتم أيها الناس من العلم إلا قليلًا مِن كثير مما يعلم الله».
ونقل ابنُ عطية (٥/ ٥٣٥) قولًا بأن المخاطب العالم أجمع، ورجَّحه مستندًا إلى دلالة العموم، فقال: «قالت فرقة: العالم كله. وهذا هو الصحيح؛ لأن قول الله له: {قل الروح} إنما هو أمر بالقول لجميع العالم، إذ كذلك هي أقواله كلها، وعلى ذلك تمّت الآية من مخاطبة الكل». ثم قال: «ويحتمل أيضًا أن تكون مخاطبة من الله للنبي ولجميع الناس».

<<  <  ج: ص:  >  >>