للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رعبا}. فقال معاوية: لا أنتهي حتى أعلم عِلْمَهم. فبعث رجالًا، فقال: اذهبوا، فادخلوا الكهف، فانظروا. فذهبوا، فلمّا دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحًا، فأخرجتهم، فبلغ ذلك ابنَ عباس، فأنشأ يُحَدِّث عنهم، فقال: إنهم كانوا في مملكةِ مَلِك مِن الجبابرة، فجعلوا يعبدون حتى عبدوا الأوثان، وهؤلاء الفتية في المدينة، فلما رأوا ذلك خرجوا من تلك المدينة، فجمعهم الله على غير ميعاد، فجعل بعضُهم يقول لبعض: أين تريدون؟ أين تذهبون؟ فجعل بعضُهم يخفي من بعض؛ لأنه لا يدري هذا علام خرج هذا، ولا يدري هذا علام خرج هذا، فأخذوا العهود والمواثيق أن يُخبر بعضُهم بعضًا، فإن اجتمعوا على شيء، وإلا كتم بعضهم بعضًا، فاجتمعوا على كلمة واحدة، فقالوا: {ربنا رب السماوات والأرض} إلى قوله: {مرفقا}. قال: فقعدوا، فجاء أهلهم يطلبونهم لا يدرون أين ذهبوا، فرفع أمرهم إلى الملك، فقال: لَيكونن لِهؤلاء القومِ بعد اليوم شأن! ناسٌ خرجوا لا يُدرى أين ذهبوا في غير جناية ولا شيء يعرف! فدعا بلوح مِن رصاص، فكُتب فيه أسماؤهم، ثم طُرِح في خزانته، فذلك قول الله: {أصحاب الكهف والرقيم}. والرقيم: هو اللوح الذي كتبوا. فانطلقوا حتى دخلوا الكهف، فضرب الله على آذانهم، فناموا، فلو أنّ الشمس تطلع عليهم لأحرقتهم، ولولا أنهم يُقَلَّبون لأكلتهم الأرض، ذلك قول الله: {وترى الشمس} الآية. قال: ثم إنّ ذلك الملك ذَهَب، وجاء ملِك آخر، فعبد الله، وكسر تلك الأوثان، وعدل بين الناس، فبعثهم الله لما يريد، فقال قائل منهم: كم لبثتم؟ فقال بعضهم: يومًا. وقال بعضهم: يومين. وقال بعضهم: أكثر من ذلك. فقال كبيرهم: لا تختلفوا؛ فإنه لم يختلف قومٌ قطُّ إلا هلكوا، {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف}. يعني بـ {أزكى}: بأطهر؛ إنهم كانوا يذبحون الخنازير. قال: فجاء إلى المدينة، فرأى شارةً أنكرها، ورأى بنيانًا أنكره، ثم دنا إلى خبّاز فرمى إليه بدرهم، وكانت دراهمُهم كخفاف الربع -يعني: ولد الناقة-، فأنكر الخباز الدرهم، فقال: مِن أين لك الدرهم؟ لقد وجدت كنزًا، لَتَدُلَّني عليه أو لأرفْعَنَّك إلى الأمير. فقال: أتخوفني بالأمير وأبي دهقان الأمير؟ قال: من أبوك؟ قال: فلان. فلم يعرفه، فقال: فمن الملك؟ قال: فلان. فلم يعرفه، فاجتمع عليهم الناس، فرفع إلى عالمهم، فسأله، فأخبره، فقال: عَلَيَّ باللوح. فجيء به، فسمى أصحابه فلانًا وفلانًا، وهم مكتوبون في اللوح، فقال للناس: إنّ الله قد دلَّكم على

<<  <  ج: ص:  >  >>