للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعي شَنُّ (١) خُوصٍ (٢)، فوضع يده في صدري فقال: تنح. حتى ألقاني على البساط، ثم قال: يا محمد، إنا ليمنعنا كثيرًا من أمرك هذا وضرباؤه أن ترى لي قدَمًا (٣) وسُودًا (٤)، فلو نَحَّيتهم إذا دخلنا عليك، فإذا خرجنا أذنت لهم إذا شئت. فلما خرج أنزل الله: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم} إلى قوله: {وكان أمره فرطا} (٥). (٩/ ٥٢٢)

٤٤٧٢٤ - عن خباب بن الأرتّ -من طريق أبي الكَنُودِ- في قول الله -تبارك وتعالى-: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} [الأنعام: ٥٢]، قال: جاء عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، فوجدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قاعدًا مع بلال، وعمار، وصهيب، وخباب بن الأرت في ناس من الضعفاء مِن المؤمنين، فلما رأوهم حوله حقروهم، فأتوه، فخلوا به، فقالوا: إنّا نُحِبُّ أن تجعل لنا منك نصيبًا تعرف لنا به العرب؛ فإن وفود العرب تأتيك، ونستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقِمهم، فإذا نحن فرغنا فأقعدهم إن شئت. فقال: «نعم». فقالوا: اكتب لنا كتابًا. فدعا بالصحيفة ليكتب لهم، ودعا عليًّا ليكتب لهم، ونحن قعود في ناحية، إذ نزل جبريل - عليه السلام - بهذه الآية: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ما عليك من حسابهم من شيء، وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين}. ثم ذكر الأقرع وصاحبه، فقال: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين}. ثم ذكر، فقال: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا} [الأنعام: ٥٢ - ٥٤]. فرمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصحيفة جانبًا، فما أنسى وهو يقول: سلام عليكم. فدنونا يومئذ منه، حتى وضعنا ركبنا على ركبته، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجلس معنا قبل ذلك، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا؛ فأنزل الله تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا} يقول: مجالس الأشراف، {ولا تطع من


(١) الشن: القربة الخَلَق. لسان العرب (شنن).
(٢) الخُوصُ: ورق النخل. لسان العرب (خوص).
(٣) القَدْمُ: الشرف القديم. لسان العرب (قدم).
(٤) يقال: لفلان سَواد، أي: مال كثير. لسان العرب (سود).
(٥) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.

<<  <  ج: ص:  >  >>