وذكر ابنُ عطية (٥/ ٦١٨) أنّ وجه التعبير عن الملائكة بالجن على القول الأول مِن حيث إنهم مستترون، وأنها صفة تعم الملائكة والشياطين، ثم وجَّه الاستثناء على القول الأول بأنّه متصل، وعلى الثاني بأنّه منقطع، ثم بيَّن أنه لا خلاف أن إبليس كان من الملائكة في المعنى؛ إذ كان مُتَصَرِّفًا بالأمر والنهي مُرْسَلًا، والملك مشتق من المألكة، وهي الرسالة، فهو في عداد الملائكة يتناوله قول {اسْجُدُوا}. وعلَّق ابنُ كثير (٩/ ١٥٥) على الآثار الواردة في معنى: {وإذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلا إبْلِيسَ كانَ مِنَ الجِنِّ} قائلًا: «وقد رُوي في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته للحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة؛ لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وضع فيها أشياء كثيرة، وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذين ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء، والسادة الأتقياء».