للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكنها مِن معاريض الكلام (١) [٤٠٥٤]. (٩/ ٦٠٩)

٤٥٣٩٢ - عن عبد الله بن عباس، في قوله: {لا تؤاخذني بما نسيت}، قال: هذا من معاريض الكلام (٢). (٩/ ٦١٠)

٤٥٣٩٣ - عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- في قوله: {لا تؤاخذني بما نسيت}، أي: بما تركتُ مِن عهدك (٣) [٤٠٥٥]. (ز)

٤٥٣٩٤ - تفسير إسماعيل السُّدِّيّ: {لا تؤاخذني بما نسيت}، يعني: ذهب مِنِّي ذِكْرُه (٤) [٤٠٥٦]. (ز)


[٤٠٥٤] وجَّه ابنُ عطية (٥/ ٦٣٧ بتصرف) هذا القول بقوله: «ومعنى هذا القول صحيح، ووجْهه عندي: أنّ موسى - عليه السلام - إنما رأى العهد في أن يسأل، ولم ير إنكار هذا الفعل الشنيع سؤالًا، بل رآه واجبًا، فلما رأى الخضر قد أخذ العهد على أعمِّ وجوهه، فضمَّنه السؤال والمعارضة والإنكار وكل اعتراض -إذ السؤال أخف من هذه كلها- أخذ معه في باب المعاريض التي هي مندوحة عن الكذب، فقال له: {لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ}. ولم يقل له: إني نسيت العهد. بل قال لفظًا يُعطِي للمتأول أنّه نسي العهد، ويستقيم أيضًا تأويله وطلبه، مع أنه لم ينس العهد؛ لأن قوله: {لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ} كلام جيد طلبه، وليس فيه للعهد ذكر، هل نسيه أم لا، وفيه تعريض أنه نسي العهد، فجمع في هذا اللفظ بين العذر والصدق». ثم انتقده مستندًا لمخالفته السنة، فقال: «وما يُخِلُّ بهذا القول إلا أن الذي قاله -وهو أبي بن كعب- روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كانت الأولى من موسى نسيانًا»».
[٤٠٥٥] ذكر ابنُ جرير (١٥/ ٣٣٨) أنّ مَن قالوا بهذا القول فقد وجهوا معنى النسيان إلى الترك.
[٤٠٥٦] اختُلِف في معنى قوله: {لا تؤاخذني بما نسيت}؛ فقال بعضهم: كان هذا الكلام من موسى - عليه السلام - للعالم معارضة، لا أنه كان نسي عهده. وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تؤاخذني بتركي عهدك.
ورجَّح ابنُ جرير (١٥/ ٣٣٩) القول الثاني مستندًا إلى السنة، فقال: «والصواب من القول في ذلك أن يُقال: إنّ موسى سأل صاحبه أن لا يؤاخذه بما نسي فيه عهدُه مِن سؤاله إيّاه عن وجْه ما فعل وسببه، لا بما سأله عنه، وهو لعهده ذاكر؛ للصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك معناه من الخبر».
وذكر ابنُ عطية (٥/ ٦٣٧) أنّ القول الثاني قول الجمهور، ثم قال: «وفي كتاب التفسير من صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كانت الأولى من موسى نسيانًا»».
وذكر أنّ مجاهدًا قال: كانت الأولى نسيانًا، والثانية شرطًا، والثالثة عمدًا. وانتقده مستندًا إلى الدلالة العقلية، ومخالفته ظاهر الآية، فقال: «وهذا كلام مُعتَرَض؛ لأن الجميع شرط، ولأنّ العمد يَبعُد على موسى - عليه السلام -، وإنّما هو التأويل إذا جُنِّب صيغة السؤال والنسيان».

<<  <  ج: ص:  >  >>