للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بربهم، وابتدعوا في دينهم، الذي يجتهدون في الباطل، ويحسبون أنهم على حق، ويجتهدون في الضلالة، ويحسبون أنهم على هدًى، فضَلَّ سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا. ثم رفع صوتَه، فقال: وما أهل النار منهم ببعيد (١). (ز)

٤٥٨٨٣ - عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: سألت أبي: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا}، أهم الحرورية؟ قال: لا، هم اليهود والنصارى؛ أما اليهود فكذبوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وأما النصارى فكفروا بالجنة، وقالوا: لا طعام فيها ولا شراب. والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه. وكان سعد يسميهم: الفاسقين (٢). (٩/ ٦٨٩)

٤٥٨٨٤ - عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: قلت لأبي: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا}، الحرورية هم؟ قال: لا، ولكنهم أصحاب الصوامع، والحرورية قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم (٣). (٩/ ٦٨٩)

٤٥٨٨٥ - قال عبد الله بن عباس: هم اليهود، والنصارى (٤). (ز)

٤٥٨٨٦ - قال بَزِيعٌ: سأل رجل الضحاك بن مزاحم عن هذه الآية: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا}. قال: هم القِسِّيسون، والرُّهبان (٥). (ز)

٤٥٨٨٧ - قال مقاتل بن سليمان: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا}، يعني: أصحاب الصوامع من النصارى (٦) [٤١١٦]. (ز)


[٤١١٦] أفادت الآثار اختلاف السلف فيمن عنى الله بقوله: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} على ثلاثة أقوال: الأول: أنهم القسيسون والرهبان. الثاني: أنهم أهل الكتاب جميعًا. الثالث: أنهم الخوارج.
وقد رجّح ابنُ جرير (١٥/ ٤٢٧) أن الآية عامة في «كل عاملٍ عملًا يحسبه فيه مصيبًا، وأنه لله بفعله ذلك مطيع مرض، وهو بفعله ذلك لله مسخط، وعن طريق أهل الإيمان به جائر، كالرهابنة والشمامسة وأمثالهم من أهل الاجتهاد في ضلالتهم، وهم مع ذلك من فعلهم واجتهادهم بالله كفرة من أهل أي دين كانوا».
وبنحو ما قال ابنُ جرير قال ابنُ كثير (٩/ ٢٠٠)، ووجّه قول علي، فقال: «ومعنى هذا عن علي - رضي الله عنهما -: أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم، لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ولا هؤلاء، بل هي أعمُّ من هذا؛ فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى، وقبل وجود الخوارج بالكلية، وإنما هي عامة في كل من عَبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها، وأن عمله مقبول، وهو مخطئ، وعمله مردود».
وانتقد ابنُ عطية (٥/ ٦٦٦) مستندًا إلى ظاهر الآية هذه الأقوال بقوله: «ويُضعِف هذا كله قولُه تعالى بعد ذلك: {أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ ولِقائِهِ}، وليس من هذه الطوائف مَن يكفر بلقاء الله، وإنما هذه صفة مشركي عبدة الأوثان». ووجّه قول علي، فقال: «وهذا إن صحَّ عنه فهو على جهة مثال فيمن ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن». ثم وجّه قول علي، وقول سعد بن أبي وقاص: «وعلي وسعد - رضي الله عنهما - ذكرا أقوامًا أخذوا بحظهم من صدر الآية».

<<  <  ج: ص:  >  >>