وقد رجّح ابنُ جرير (١٥/ ٤٢٧) أن الآية عامة في «كل عاملٍ عملًا يحسبه فيه مصيبًا، وأنه لله بفعله ذلك مطيع مرض، وهو بفعله ذلك لله مسخط، وعن طريق أهل الإيمان به جائر، كالرهابنة والشمامسة وأمثالهم من أهل الاجتهاد في ضلالتهم، وهم مع ذلك من فعلهم واجتهادهم بالله كفرة من أهل أي دين كانوا». وبنحو ما قال ابنُ جرير قال ابنُ كثير (٩/ ٢٠٠)، ووجّه قول علي، فقال: «ومعنى هذا عن علي - رضي الله عنهما -: أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم، لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ولا هؤلاء، بل هي أعمُّ من هذا؛ فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى، وقبل وجود الخوارج بالكلية، وإنما هي عامة في كل من عَبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها، وأن عمله مقبول، وهو مخطئ، وعمله مردود». وانتقد ابنُ عطية (٥/ ٦٦٦) مستندًا إلى ظاهر الآية هذه الأقوال بقوله: «ويُضعِف هذا كله قولُه تعالى بعد ذلك: {أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ ولِقائِهِ}، وليس من هذه الطوائف مَن يكفر بلقاء الله، وإنما هذه صفة مشركي عبدة الأوثان». ووجّه قول علي، فقال: «وهذا إن صحَّ عنه فهو على جهة مثال فيمن ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن». ثم وجّه قول علي، وقول سعد بن أبي وقاص: «وعلي وسعد - رضي الله عنهما - ذكرا أقوامًا أخذوا بحظهم من صدر الآية».