للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منكم ثوب أربعين سنة. قالوا: فما نحتذي؟ قال: لا ينقطع لأحدكم شِسْعٌ أربعين سنة. قالوا: فإنّ فينا أولادًا، فما نكسوهم؟ قال: ثوب الصغير يشِبُّ معه. قالوا: فمن أين لنا الماء؟ قال: يأتيكم به الله. قالوا: فمن أين إلا أن يخرج لنا من الحَجَر؟! فأمر الله تبارك وتعالى موسى أن يضرب بعصاه الحجر. قالوا: فبِمَ نُبصِرُ إذ تَغْشانا الظلمة؟ فضرب لهم عمودًا من نور في وسط عسكرهم أضاء عسكرهم كله. قالوا: فبم نستظل؛ فإنّ الشمس علينا شديدة؟ قال: يظلكم الله بالغمام (١). (ز)

١٨٧٦ - عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسْباط- قال: لما تاب الله على قوم موسى، وأحيا السبعين الذين اختارهم موسى بعد ما أماتهم؛ أمرهم الله بالمسير إلى أريحا، وهي أرض بيت المقدس، فساروا، حتى إذا كانوا قريبًا منها بعث موسى اثني عشر نقيبًا، وكان من أمرهم وأمر الجَبّارِين وأمر قوم موسى ما قد قَصَّ الله في كتابه، فقال قوم موسى لموسى: {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} [المائدة: ٢٤]. فغضب موسى، فدعا عليهم، قال: {رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين} [المائدة: ٢٥]. فكانت عجلة من موسى عَجِلَها، فقال الله تعالى: {فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض} [المائدة: ٢٦]. فلما ضرب عليهم التِّيه ندم موسى، وأتاه قومه الذين كانوا معه يطيعونه، فقالوا له: ما صنعت بنا، يا موسى؟ فلما نَدِم أوحى الله إليه: أن لا تَأْسَ على القوم الفاسقين. أي: لا تحزن على القوم الذين سميتهم فاسقين، فلم يحزن، فقالوا: يا موسى، كيف لنا بماء ههنا؟! أين الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن، فكان يسقط على الشجر الزنجبيل، والسلوى، وهو طير يشبه السُّمانى، فكان يأتي أحدهم، فينظر إلى الطير إن كان سمينًا ذبحه، وإلا أرسله، فإذا سمن أتاه، فقالوا: هذا الطعام، فأين الشراب؟ فأُمر موسى، فضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، فشرب كل سِبْط من عين، فقالوا: هذا الطعام والشراب، فأين الظِلُّ؟ فظَلَّل عليهم الغمام، فقالوا: هذا الظل، فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان، ولا يتخرَّق لهم ثوب، فذلك قوله: {وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى}، وقوله: {وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم} [البقرة: ٦٠] (٢). (ز)


(١) أخرجه ابن جرير ١/ ٧٠٩.
(٢) أخرجه ابن جرير ١/ ٧٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>