وانتقد ابنُ عطية (٦/ ٨٠) هذا القول، فقال: «وقد تُؤُوِّل على بعض السلف أنه جعل {وأَخْفى} فعلًا ماضيًا، وهذا ضعيف». [٤٢٣٧] قال ابنُ عطية (٦/ ٨٠): «المخاطبة بـ {تَجْهَرْ} لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وهي مراد بها جميع الناس؛ إذ هي آية اعتبار». [٤٢٣٨] للسلف في تفسير قوله: {وأخفى} ثلاثة أقوال: الأول: أنه ما حدَّث الإنسان به نفسه ولم يعمله. الثاني: أنه ما علمَ الله مما هو كائن. الثالث: {وأخفى} فعل ماضٍ، والمعنى: أن الله أخفى سرَّه عن عباده فلا يعلمه أحد منهم. وهو قول ابن زيد. وقد رجّح ابن جرير (١٦/ ١٦ - ١٧) مستندًا إلى ظاهر الآية والدلالة العقلية القولَ الثاني، وانتقد قول ابن زيد مستندًا إلى اللغة، فذكر أنّ المعنى أن الله «يعلم السر وأخفى من السر؛ لأن ذلك هو الظاهر من الكلام، ولو كان معنى ذلك ما تأوله ابن زيد لكان الكلام: وأخفى الله سرَّه. لأنّ» أخفى «فعلٌ واقعٌ مُتَعَدِّ، إذ كان بمعنى» فعَل «على ما تأوله ابن زيد، وفي انفراد أخفى من مفعوله، والذي يعمل فيه لو كان بمعنى» فعَل «الدليل الواضح على أنه بمعنى أفعل، وأن تأويل الكلام: فإنه يعلم السر وأخفى منه. فإذ كان ذلك تأويله فالصواب من القول في معنى أخفى من السر أن يُقال: هو ما علم الله مما خفي عن العباد، ولم يعلموه مما هو كائن ولما يكن؛ لأنّ ما ظهر وكان فغير سِرٍّ، وأن ما لم يكن وهو غير كائن فلا شيء، وأن ما لم يكن وهو كائن فهو أخفى من السر، لأن ذلك لا يعلمه إلا الله، ثم مَن أعلمه ذلك من عباده».