[٤٢٤٩] اختلف السلف في تفسير قوله: {أكاد أخفيها} على قولين: الأول: أكاد أخفيها من نفسي، فلا أُظْهِر عليها أحدًا من خلقي. الثاني: أكاد أظهرها. وقد رجّح ابن جرير (١٦/ ٣٧ - ٣٨ بتصرف) مستندًا إلى أقوال السلف وإلى اللغة القول الأول، فقال: «والذي هو أولى بتأويل الآية من القول قولُ مَن قال: معناه: أكاد أخفيها مِن نفسي. لأن تأويل أهل التأويل بذلك جاء، ولأنّ المعروف من معنى الإخفاء في كلام العرب: الستر. يقال: قد أخفيت الشيء: إذا سترته، فلما كان معروفًا في كلامهم أن يقول أحدهم إذا أراد المبالغة في الخبر عن إخفائه شيئًا هو له مُسِرٌّ: قد كدت أن أخفي هذا الأمر عن نفسي مِن شدة استسراري به، ولو قدرت أخفيه عن نفسي أخفيته. خاطبهم على حسب ما قد جرى به استعمالُهم في ذلك من الكلام بينهم، وما قد عرفوه في منطقهم». وأمّا ابنُ عطية (٦/ ٨٦) فقد ذكر قولًا عن بعض المفسرين لم يُسمِّه، ورجّحه مستندًا إلى الدلالة العقلية، فقال: «وقالت فرقة: {أكادُ} على بابها، بمعنى أنها مقاربة ما لم يقع، لكن الكلام جارٍ على استعارة العرب ومجازها، فلما كانت الآية عبارة عن شدة خفاء أمر القيامة ووقتها، وكان القَطْع بإتيانها مع جهل الوقت أهيب على النفوس؛ بالغ قوله تعالى في إعتام وقتها، فقال: {أكادُ أُخْفِيها} حتى لا تظهر البتة، ولكن ذلك لا يقع، ولا بد من ظهورها، هذا تلخيص هذا المعنى الذي أشار إليه بعض المفسرين، وهو الأقوى عندي. ورأى بعضُ القائلين بأن المعنى: أكادُ أُخْفِيها من نفسي. ما في القول من القلق، فقالوا: معنى من نفسي: من تلقائي، ومن عندي، وهذا رفض للمعنى الأول، ورجوع إلى هذا القول الذي اخترناه أخيرًا. فتأمله». وذكر ابن جرير (١٦/ ٣٨ - ٤١) عدة أقوال أخر لم ينسبها إلى أحد، وكذا فعلَ ابنُ عطية، وانتقد هو وابن جرير بعضَ تلك الأقوال لمخالفتها لغة العرب، وقولَ الحجة من أهل التأويل، ودلالة العقل.