للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسمع بي فهو على خير، ومَن سمع بي ولم يؤمن بي فقد هلك» (١). (١/ ٣٩٤)

٢٠٧٤ - عن السُّدِّي، في قوله: {إن الذين آمنوا والذين هادوا} الآية، قال: نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان الفارسي، وكان رجلًا من جُندَيْسابورَ، وكان من أشرافهم، وكان ابن الملك صديقًا له مُؤاخيًا، لا يقضي واحدٌ منهما أمرًا دون صاحبه، وكانا يركبان إلى الصيد جميعًا، فبينما هما في الصيد إذ رُفع لهما بيت من عباءةٍ، فأتياه، فإذا هما فيه برجل بين يديه مصحف يقرأ فيه، وهو يبكي، فسألاه: ما هذا؟ فقال: الذي يريد أن يعلم هذا لا يقف موقفكما، فإن كنتما تريدان أن تعلما ما فيه فانزلا حتى أُعْلِمَكما. فنزلا إليه، فقال لهما: هذا كتاب جاء من عند الله، أمر فيه بطاعته، ونهى عن معصيته، فيه: أن لا تسرق، ولا تزني، ولا تأخذ أموال الناس بالباطل. فقَصَّ عليهما ما فيه، وهو الإنجيل الذي أنزل الله على عيسى، فوقع في قلوبهما، وتابعاه، فأسلما، وقال لهما: إن ذبيحة قومكما عليكما حرام. فلم يزالا معه كذلك يتعلمان منه، حتى كان عيدٌ للملك، فجمع طعامًا، ثم جمع الناس والأشراف، وأرسل إلى ابن الملك رسولًا، فدعاه إلى صنيعه ليأكل مع الناس، فأبى الفتى، وقال: إني عنك مشغول، فكل أنت وأصحابك. فلما أكثر عليه من الرسل أخبرهم أنه لا يأكل من طعامهم، فبعث الملك إلى ابنه، ودعاه، وقال: ما أمرك هذا؟ قال: إنا لا نأكل من ذبائحكم، إنكم كفار ليس تَحِلُّ ذبائحُكم. فقال له الملك: مَن أمرك هذا؟ فأخبره أنّ الراهب أمره بذلك، فدعا الراهب، فقال: ماذا يقول ابني؟ قال: صدق ابنك. قال له: لولا أن الدم فينا عظيم لقتلتك، ولكن اخرج من أرضنا. فأَجَّلَه أجلًا، فقال سلمان: فقمنا نبكي عليه، فقال لهما: إن كنتما صادقين فأنا في بِيعَة بالموصل مع ستين رجلًا نعبد الله، فائتونا فيها. فخرج الراهب، وبقي سلمان وابن الملك، فجعل سلمان يقول لابن الملك: انطلق بنا. وابن الملك يقول: نعم. وجعل ابن الملك يبيع متاعه، يريد الجهاز، فلما أبطأ على سلمان خرج سلمان حتى أتاهم، فنزل على صاحبه، وهو رب البِيعَة، وكان أهل تلك البِيعة أفضل مرتبة من الرهبان، فكان سلمان معه يجتهد في العبادة، ويتعب نفسه، فقال له سلمان: أرأيت الذي تأمرني به، هو أفضل أو الذي أصنع؟ قال: لا، بل الذي تصنع. قال: فخَلِّ عني. ثم إن صاحب البِيعة دعاه، فقال: أتعلم أن


(١) أخرجه ابن جرير ٢/ ٤٥ مرسلًا.
وينظر: تخريج الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>