للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأخذ مِن أثرِ الفرس قبضةً مِن تراب، فقال حين مضى ثلاثون ليلةً: يا بني إسرائيل، إنّ معكم حُلِيًّا مِن حُلِيِّ آل فرعون، وهو حرامٌ عليكم، فهاتوا ما عندَكم نُحْرِقُها. فأتوه بما عندهم مِن حُلِيِّهم، فأوقدوا نارًا، ثُمَّ ألقى الحُلِيَّ في النارِ، فلمّا ذاب الحُلي ألقى تلك القبضةَ من التراب في النار، فصار عِجلًا جسدًا له خُوارٌ، فخار خَورةً واحدةً لم يثن، فقال السامريُّ: إنّ موسى ذهب يطلُبُ ربَّكم، وهذا إلهُ موسى. فذلك قوله: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي}. يقولُ: انطلَق يطلبُ ربَّه، فضَلَّ عنه، وهو هذا. فقال اللهُ -تبارك وتعالى- لموسى وهو يناجيه: {قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامريُ * فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا}، قال: يعني: حزينًا (١). (٦/ ٥٣٩)

٤٨١٥٩ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: لَمّا هجم فرعونُ على البحر هو وأصحابه، وكان فرعون على فرس أدهم ذَنُوبٍ حصان، فهاب الحصانُ أن يقتحم البحر، فتَمَثََّل له جبريلُ على فرس أنثى ودِيق (٢)، فلما رآها الحصانُ هجم خلفها، وعرف السامريُّ جبريل؛ لأنّ أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار، وأطبقت عليه، فكان جبريلُ يأتيه فيغذوه بأصابعه؛ في واحدة لبنًا، وفي الأخرى عسلًا، وفي الأخرى سمنًا، فلم يزل يغذوه حتى نشأ، فلمّا عاينه في البحر عرفه، فقبض قبضة مِن أثر فرسه. قال: أخذ مِن تحت الحافر قبضة، وأُلقِيَ في رُوع السامري: إنّك لا تلقيها على شيء، فتقول: كن كذا؛ إلا كان. فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر، فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر، وأغرق الله آل فرعون؛ قال موسى لأخيه هارون: {اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين} [الأعراف: ١٤٢]. ومضى موسى لموعد ربه، وكان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون، فكأنّهم تَأَثَّموا منه، فأخرجوه لتنزل النار فتأكله، فلما جمعوه قال السامريُّ بالقبضة هكذا، فقذفها فيه، وقال: كُن عجلًا جسدًا له خُوار. فصار عِجلًا جسدًا له خُوار، فكان يدخل الريحُ مِن دُبُره، ويخرج مِن فيه؛ يُسْمَع له صوت، فقال: {هذا إلهكم وإله موسى}. فعكفوا على العِجل يعبدونه، فقال هارون: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} (٣).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٥٦٨ - ١٥٦٩. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(٢) فرس أنثى ودِيق: هي التي تشتهي الفحل. النهاية (ودق).
(٣) أخرجه ابن جرير ١/ ٦٦٩ - ٦٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>