للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨١٦٢ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: وانطلق موسى إلى إلهه يُكلِّمه، فلما كلَّمه قال له: {وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}. فأخبره خبرهم، قال موسى: يا ربِّ، هذا السامريُّ أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروحَ مَن نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: ربِّ، أنت إذًا أضللتهم. ثم رجع {موسى إلى قومه غضبان أسفا} قال: حزينًا، {قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} إلى قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول: بِطاقَتِنا، {ولكن حملنا أوزارا من زينة القوم} يقول: مِن حُلِيِّ القبط {فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا خوار}، فعكفوا عليه يعبدونه، وكان يخور ويمشي، فقال لهم هارون: {يا قوم إنما فتنتم به} يقول: ابتُلِيتم بالعجل. {قال فما خطبك يا سامري}: ما بالك، إلى قوله: {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليك عاكفا لتحرقنه} قال: فأخذه، فذبحه، ثم حرقه بالمبرد، يعني: سَحَلَهُ (١)، ثم ذرّاه في اليم، فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء، ثم قال لهم موسى: اشربوا منه. فشرِبوا، فمَن كان يُحِبُّه خرج على شارِبَيْه الذهب. فذلك حين يقول: {وأشربوا في قلوبهم العجل} [البقرة: ٩٣]. قال: فلما سُقِط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى، ورأوا أنهم قد ضلوا؛ قالوا: لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين. فأبى اللهُ أن يقبل توبة بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا، أنهم كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل، فقال موسى: {يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} [البقرة: ٥٤]. فاجْتَلَد الذين عبدوه والذين لم يعبدوا بالسيوف، فكان مَن قُتِل مِن الفريقين كان شهيدًا، حتى كثر القتل، حتى كادوا أن يهلكوا، حتى قُتِل منهم سبعون ألفًا، وحتى دعا موسى وهارون: ربَّنا، هلكت بنو إسرائيل، ربَّنا، البقية البقية. فأمرهم أن يضعوا السلاح، وتاب عليهم، فكان مَن قُتِل منهم كان شهيدًا، ومَن بَقِي كان مُكفرًا عنه، فذلك قوله تعالى: {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم}. ثم إنّ الله أمر موسى أن يأتيه في ناس مِن بني اسرائيل يعتذرون إليه مِن عبادة العجل، فوعدهم موعدًا، واختار موسى سبعين رجلًا، ثم ذهب ليعتذروا، فلما أتوا ذلك قالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فإنّك قد كلمته، فأرِناه. فأخذتهم الصاعقة، فماتوا، فقام


(١) سَحَلَه: السَّحْل: القَشْر والكَشْط، أي: تكْشِط ما عليها من اللَّحم، ومنه قِيلَ للمِبْرَد مِسْحَل، وسَحَلَهُ: سَحَقَه. اللسان (سحل).

<<  <  ج: ص:  >  >>