وذكر ابنُ عطية (٦/ ٢١٢) أنّ قائلي هذا القول احْتَجُّوا بحديث أنس؛ إذ قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآية ثم قال: «إنّه اليوم الذي يقول الله تعالى فيه لآدم: أخْرِج بعث النار». وانتقد استدلالَهم بهذا الحديث -مستندًا إلى الدلالة العقلية- بقوله: «وهذا الحديثُ لا حُجَّة فيه؛ لأنه يحتمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ الآية المتضمِّنة ابتداء أمر الساعة، ثم قصد في تذكيره وتخويفه إلى فصل من فصول يوم القيامة، فنصَّ ذكره، وهذا من الفصاحة». وبيَّن أن الضمير في قوله: {يرونها} -على هذا القول- عائد على السّاعة، أي: يوم يرون ابتداءها في الدنيا. ثم قال: «فيصح لهم بهذا التأويل أن لا يلزمهم وجود الرضاع والحمل في يوم القيامة، وإن أعادوه على الزلزلة فسد قولهم بما يلزمهم». وذهب ابن عطية -مستندًا إلى الدلالة العقلية- (٦/ ٢١٢) أن الضمير في قوله: {ترونها} عائد على الزلزلة -وهو القول الأول الذي قاله الشعبي، وعبيد بن عمير، وعلقمة، وابن جريج-، فقال: «وقوّى قولَهم أن الرضاع والحمل إنما هو في الدنيا». وعلق ابنُ جرير (١٦/ ٤٤٧) على هذا القول، فقال: «وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو ما قال هؤلاء خبر في إسناده نظر ... ». وساق حديث أبي هريرة. وذكر ابنُ كثير (١٠/ ٦) أنّ الغرض من هذا الحديث هو دلالته على كون الزلزلة قبل يوم القيامة. وانتقد ابنُ جرير هذا القول مستندًا لمخالفته السنة، فقال: «وهذا القول -الذي ذكرناه عن علقمة والشعبيّ ومَن ذكرنا ذلك عنه- قولٌ لولا مجيء الصحاح من الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلافِه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمُ بمعاني وحي الله وتنزيله».