وقال مُعَلِّقًا على تلك الأقوال (٢/ ١٠١ - ١٠٢ بتصرف): «وهذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه من الصحابة والتابعين والخالفين بعدهم من قولهم: إنّ بني إسرائيل لو كانوا أخذوا أدنى بقرة فذبحوها أجزأت عنهم، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم. مِن أوضح الدَّلالة على أنّ القوم كانوا يرون أنّ حُكْم الله فيما أمر ونهى في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - على العُمُوم الظاهر دون الخُصُوص الباطن، إلا أن يخُصَّ بعض ما عَمَّهُ ظاهرُ التنزيل كتاب من الله أو رسول الله، وأنّ التنزيل أو الرسول إنْ خَصَّ بعض ما عَمَّهُ ظاهر التنزيل بحكم خلاف ما دَلَّ عليه الظاهر، فالمَخْصُوصُ من ذلك خارجٌ مِن حُكْم الآية التي عَمَّتْ ذلك الجِنسَ خاصَّةً، وسائِرَ حُكْمِ الآية على العُمُوم ... ، ففي إجماع جميعهم على ما روينا عنهم من ذلك مع الرواية التي رويناها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالموافقة لقولهم دليل واضح على صحة قولنا في العُمُوم والخُصُوص، وأنّ أحكام الله -جل ثناؤه- في أي كتابه فيما أمر ونهى على العُمُوم ما لم يَخُصَّ ذلك ما يجب التسليم له، وأنه إذا خُصَّ منه شيء فالمخصوص منه خارج حُكْمه من حُكْم الآية العامة الظاهر، وسائر حُكْم الآية على ظاهرها العام، ويؤيِّد حقيقة ما قلنا في ذلك، وشاهد عدل على فساد قول من خالف قولنا فيه».