للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هو يقرأ إذ قال: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} [النجم: ١٩ - ٢٠]. فألقى الشيطانُ على لسانه، فقال: «تلك الغرانقة العلى، وإن شفاعتهن لترتجى». حتى إذا بلغ آخرَ السورة سجد، وسجد أصحابه، وسجد المشركون لذكر آلهتهم، فلمّا رفع رأسه حملوه، فاشْتَدُّوا به بين قُطْرَيْ مكة يقولون: نبيُّ بني عبد مناف. حتى إذا جاءه جبريلٌ عرض عليه، فقرأ ذَيْنِك الحرفين، فقال جبريل: معاذ الله أن أكون أقرأتُك هذا! فاشتد عليه؛ فأنزل الله وطَيَّب نفسه: {وما أرسلنا من قبلك} الآيات (١). (١٠/ ٥٣٢)

٥١٠٣٥ - في تفسير محمد بن السائب الكلبي: أنّ النبي - عليه السلام - كان يُصَلِّي عند البيت والمشركون جلوس، فقرأ: {والنجم}، فحدَّث نفسه حتى إذا بلغ: {أفرأيتم اللات والعزى (١٩) ومناة الثالثة الأخرى} [النجم: ١٩ - ٢٠] ألقى الشيطان على لسانه: «فإنها مع الغرانيق العلى، وإن شفاعتها هي المرتجى». فلمّا انصرف قالوا: قد ذكر محمدٌ آلهتنا. فقال النبيُّ: واللهِ، ما كذلك نزلت عَلَيَّ. فنزل عليه جبريل، فأخبره النبيُّ، فقال: واللهِ، ما هكذا علَّمْتُك، وما جئتُ بها هكذا. فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} إلى آخر الآية (٢) [٤٥٠٠]. (ز)


[٤٥٠٠] قال ابن عطية (٦/ ٢٦٣) مُعَلِّقًا: «وهذا الحديث الذي فيه هذه الغرانقة وقع في كتب التفسير ونحوها، ولم يُدخِله البخاري ولا مسلم، ولا ذكره -في علمي- مصنف مشهور، بل يقتضي مذهبُ أهل الحديث أنّ الشيطان ألقى، ولا يعينون هذا السبب ولا غيره، ولا خلاف أن إلقاء الشيطان إنما هو لألفاظ مسموعة بها وقعت الفتنة، ثم اختلف الناس في صورة هذا الإلقاء، فالذي في التفاسير -وهو مشهور القول- أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم بتلك الألفاظ، وأنّ الشيطان أوهمه ووسوس في قلبه حتى خرجت تلك الألفاظ على لسانه، وروي: أنه نزل إليه جبريل بعد ذلك فدارسه سورة النجم، فلما قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له جبريل: لم آتِك بهذا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «افتريت على الله، وقلتُ ما لم يقل لي». وجعل يتفجع ويغتم؛ فنزلت هذه الآية {وما أرسلنا من قبلك من رسول}».
وقال ابنُ كثير (١٠/ ٨٣ - ٨٤) معلِّقًا: «وقد ذكر كثير من المفسرين هاهنا قصة الغَرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة ظَنًّا منهم أن مشركي قريش قد أسلموا. ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>