للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خوفًا كبيرًا؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى- عليه -وكان به رحيمًا- يُعَزِّيه، ويُخفِّض عليه الأمر، ويخبره أنه لم يكن قبله رسول ولا نبيٌّ تَمَنّى كما تَمَنّى، ولا أحَبَّ كما أحَبَّ، إلا والشيطان قد ألقى في أمنيته كما ألقى على لسانه - صلى الله عليه وسلم -، فنسخ الله ما ألقى الشيطان، وأحكم آياته، أي: فأنت كبعض الأنبياء والرسل. فأنزل الله: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} الآية. فأذهب الله عن نبيِّه الحزن، وأَمَّنه مِن الذي كان يخاف، ونسخ ما ألقى الشيطان على لسانه مِن ذكر آلهتهم أنّها الغرانيق العُلى، وأنّ شفاعتهن تُرْتَضى. يقول الله حين ذكر اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى إلى قوله: {وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} [النجم: ٢٦]، أي: فكيف تنفع شفاعة آلهتكم عنده؟! فلمّا جاءه مِن الله ما نسخ ما كان الشيطان ألقى على لسان نبيه؛ قالت قريش: ندِم محمدٌ على ما كان مِن منزلة آلهتكم عند الله، فغَيَّر ذلك، وجاء بغيره. وكان ذانك الحرفان اللذان ألقى الشيطان على لسان رسوله قد وقعا في فَمِ كُلِّ مشرك، فازدادوا شَرًّا إلى ما كانوا عليه (١). (ز)

٥١٠٣٢ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: بينا نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي عند المقام إذ نعس، فألقى الشيطانُ على لسانه كلمةً، فتَكَلَّم بها، وتعلَّقها بها المشركون عليه، فقال: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى}. فألقى الشيطانُ على لسانه ونعس: «وإنّ شفاعتهن لترتجى، وإنها لمع الغرانيق العلى». فحفظها المشركون، وأخبرهم الشيطانُ أنّ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قد قرأها، فذَلَّتْ بها ألسنتهم؛ فأنزل الله: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} الآية. فدحر الله الشيطانَ، ولَقَّن نبيَّه حُجَّته (٢). (١٠/ ٥٣١)

٥١٠٣٣ - عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر-: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتمنى أن لا يعيب اللهُ آلهةَ المشركين، فألقى الشيطان في أمنيته، فقال: «إنّ الآلهة التي تُدعى إنّ شفاعتها لَتُرْتَجى، وإنّها لَلغَرانيق العُلى». فنسخ الله ذلك، وأحكم الله آياته: {أفرأيتم اللات والعزى} حتى بلغ: {من سلطان} [النجم: ١٩ - ٢٣] (٣). (ز)

٥١٠٣٤ - عن إسماعيل السُّدِّيّ، قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد ليصلي، فبينما


(١) أخرجه ابن جرير ١٦/ ٦٠٤ مرسلًا.
(٢) أخرجه يحيى بن سلام ١/ ٣٨٤ مرسلًا. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٤٠٩ (١٩٤٥)، وابن جرير ١٦/ ٦١٢ مرسلًا، واللفظ لابن جرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>