للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسمعون من ذلك كما يسمع أهل النبوة، ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون (١). (ز)

٢٥٠٨ - قال مقاتل بن سليمان: {أفتطمعون} أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده {أن يؤمنوا لكم} أن يصدقوا قولك يا محمد، يعني: يهود المدينة، {وقد كان فريق منهم} على عهد موسى - عليه السلام - {يسمعون كلام الله} وذلك أنّ السبعين الذين اختارهم موسى حين قالوا: أرِنا الله جَهْرَة. فعاقبهم الله - عز وجل -، وأماتهم عقوبة، وبقي موسى وحده يبكي، فلما أحياهم الله سبحانه قالوا: قد علمنا الآن أنك لم ترَ ربك، ولكن سمعت صوته؛ فأَسْمِعْنا صوته. قال موسى: أمّا هذا فعسى. قال موسى: يا ربِّ، إنّ عبادك هؤلاء بني إسرائيل يحبون أن يسمعوا كلامك. فقال: مَن أحبَّ منهم أن يسمع كلامي فليعتزل النساء ثلاثة أيام، وليغتسل يوم الثالث، وليلبس ثيابًا جددًا، ثم ليأتي الجبل، فأُسْمِعُه كلامي. ففعلوا ذلك، ثم انطلقوا مع موسى إلى الجبل، فقال لهم موسى: إذا رأيتم السحابة قد غشيت، ورأيتم فيها نورًا، وسمعتم فيها صوتًا، فاسجدوا لربكم، وانظروا ما يأمركم به، فافعلوا. قالوا: نعم. فصعد موسى - عليه السلام - الجبل، فجاءت الغمامة، فحالت بينهم وبين موسى، ورأوا النورَ، وسمعوا صوتًا كصوت الصُّور -وهو البُوق-، فسجدوا، وسمعوه وهو يقول: إني أنّا ربكم، لا إله إلا أنا، الحي القيوم، وأنا الذي أخرجتكم من أرض مصر بيد رقيقة وذراع شديد؛ فلا تعبدوا إلهًا غيري، ولا تشركوا بي شيئًا، ولا تجعلوا لي شبهًا، فإنكم لن تروني، ولكن تسمعون كلامي. فلَمّا أن سمعوا الكلام ذهبت أرواحُهم مِن هَوْل ما سمعوا، ثم أفاقوا وهم سجود. فقالوا لموسى - عليه السلام -: إنّا لا نُطيق أن نسمع كلام ربنا، فكن بيننا وبين ربنا، فليقل لك، وقل أنت لنا. قال موسى: يا ربِّ، إنّ بني إسرائيل لم يطيقوا أن يسمعوا كلامك؛ فقل لي، وأقل لهم. قال الله - عز وجل -: نِعْمَ ما رأوا. فجعل الله - عز وجل - يأمر موسى، ثم يخبرهم موسى، ويقولون: سمعنا ربَّنا، وأطعنا. فلما فرغ من أمره ونهيه ارتفعت السحابة، وذهب الصوت، فرفع القوم رءوسهم، ورجعوا إلى قومهم. قيل لهم: ماذا أمركم به ربكم ونهاكم عنه؟ فقال بعضهم: أمرنا بكذا وكذا، ونهانا عن كذا وكذا. وقال آخرون: وأَتْبَعَ في آخر قوله: إن لم تستطيعوا ترك ما نهاكم عنه فافعلوا ما تستطيعون. فذلك قوله سبحانه:


(١) أخرجه ابن جرير ٢/ ١٤١، وابن أبي حاتم ١/ ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>