مِن ثِقَل القول الذي أُنزِل عليه، فلمّا سُرِّي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُرِّي عنه وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال:«أبشري، يا عائشة، أمّا اللهُ فقد برأك». فقالت أمي: قومي إليه. فقلت: واللهِ، لا أقوم إليه، ولا أحمدُ إلا اللهَ الذي أنزل براءتي. وأنزل الله:{ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم} العشرَ الآياتِ كلَّها. فلمّا أنزل الله هذا في براءتي [٤٦٠٤] قال أبو بكر -وكان يُنفِق على مِسْطَح بن أثاثة لقرابته منه وفقره-: واللهِ، لا أُنفِق على مِسْطَح شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله:{ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربي والمساكين} إلى قوله: {رحيم}. قال أبو بكر: بلى، واللهِ، إنِّي أُحِبُّ أن يغفر الله لي. فرَجَع إلى مِسْطَحٍ النفقة التي كان يُنفِق عليه، وقال: واللهِ، لا أنزعها منه أبدًا. قالت عائشة: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل زينبَ ابنةَ جحش عن أمري، فقال:«يا زينبُ، ماذا علمتِ أو رأيتِ؟». فقالت: يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، ما علمت إلا خيرًا. قالت: وهي التي كانت تُسامِينِي مِن أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فعصمها اللهُ بالوَرَع، وطَفِقَتْ أختُها حَمْنَةُ تُحارِب لها؛ فهلكت فيمن هلك مِن أصحاب الإفك (١). (١٠/ ٦٣٣)
٥٢٥٢٤ - عن عائشة، قالت: لَمّا ذكر من شأني الذي ذكر، وما علمت به، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِيَّ خطيبًا، فتَشَهَّدَ، فحمِد الله، وأثنى عليه، ثم قال: «أمّا بعدُ، أشِيروا عَلَيَّ في أُناسٍ أبَنُوا (٢) أهلي، وأيْمُ اللهِ، ما علمتُ على أهلي مِن سوء، وأبَنُوهم بِمَن -واللهِ- ما علمتُ عليه مِن سوء قطُّ، ولا يدخل بيتيَ قطُّ إلا وأنا حاضر، ولا غبت في سفر إلا غاب معي». فقام سعدُ بن معاذ، فقال: ائذن لي -يا رسول الله- أن أضرب أعناقهم. وقام رجلٌ مِن بني الخزرج -وكانت أم حسان بن ثابت مِن رهط ذلك الرجل-، فقال: كذبتَ، أما -واللهِ- أن لو كانوا مِن الأوس ما أحببتَ أن تضرب أعناقهم. حتى كاد أن يكون بين الأوس والخزرج شرٌّ في المسجد، وما علمت، فلمّا كان مساء ذلك اليوم خرجتُ لبعض حاجتي، ومعي أُمُّ
[٤٦٠٤] قال ابنُ عطية (٦/ ٣٥١): «فكأنها عدَّت ما يختصّ بها».