للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المحصنين والمحصنات من المصدقين؛ {لهم عذاب أليم} وجيع {في الدنيا} يريد: الحد، {و} في {الآخرة} العذاب في النار، {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} سوء ما دخلتم فيه، وما فيه من شدة العذاب، وأنتم لا تعلمون شدة سخط الله على من فعل هذا، {ولولا فضل الله عليكم} يريد: لولا ما تفضل الله به عليكم، {ورحمته} يريد: مسطحًا، وحمنة، وحسان، {وأن الله رؤوف رحيم} يريد: من الرحمة رؤوف بكم حيث ندمتم ورجعتم إلى الحق، {يا أيها الذين آمنوا} يريد: صَدَّقوا بتوحيد الله، {لا تتبعوا خطوات الشيطان} يريد: الزلّات؛ {فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر} يريد بالفحشاء: عصيان الله. والمنكر: كل ما يكره الله، {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} يريد: ما تفضل الله به عليكم ورحمكم؛ {ما زكي منكم من أحد أبدا} يريد: ما قبل توبة أحد منكم أبدًا، {ولكن الله يزكي من يشاء} فقد شئتُ أن أتُوبَ عليكم، {والله سميع عليم} يريد: سميع لقولكم، عليم بما في أنفسكم مِن الندامة في التوبة، {ولا يأتل} يريد: ولا يحلف {أولو الفضل منكم والسعة} يريد: ولا يحلف أبو بكر ألّا يُنفِق على مِسْطَح {أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا} فقد جعلت فيك -يا أبا بكر- الفضل، وجعلت عندك السعة والمعرفة بالله، فتعطف -يا أبا بكر- على مسطح، فله قرابة، وله هجرة ومسكنة ومشاهد رضيتها منه يوم بدر، {ألا تحبون} يا أبا بكر {أن يغفر الله لكم} يريد: فاغفِر لمسطح، {والله غفور رحيم} يريد: فإنِّي غفور لمن أخطأ، رحيم بأوليائي، {ان الذين يرمون المحصنات} يريد: العفائف {الغافلات المؤمنات} يريد: المُصَدِّقات بتوحيد الله وبرسله. وقد قال حسان بن ثابت في عائشة:

حَصانٌ رَزانٌ ما تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وتُصْبِحُ غَرْثى مِن لُحُوم الغَوافِل (١)

فقالت عائشة: لكنَّك لست كذلك. {لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} يقول: أخرجهم من الإيمان. مثل قوله في سورة الأحزاب [٦١] للمنافقين: {ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا}، {والذي تولي كبره} يريد: كِبَر القَذْفِ وإشاعته؛ عبد الله بن أبي سلول الملعون، {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} يريد: أنّ الله ختم على ألسنتهم، فتَكَلَّمت الجوارح، و [شهدت] على


(١) الحصان: العفيفة. والرزان: الرزينة الثابتة التي لا يستخفها الطيش. وما تزن: ما ترمى وتتهم. بريبة: بتهمة وشك. وتصبح غرثى: جائعة. من لحوم الغوافل: جمع غافلة، وهي التي غفل قلبها عن الشر؛ يريد: أنها لا تغتاب الناس. ينظر: شرح ديوان حسان بن ثابت الأنصاري لعبد الرحمن البرقوقي ص ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>