للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أهلها، وذلك أنهم قالوا: تعالوا نحلف بالله ما كنا مشركين. فختم الله على ألسنتهم، فتكلمت الجوارح بما عملوا، ثم شهدت ألسنتهم عليهم بعد ذلك، {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} يريد: يجازيهم بأعمالهم بالحق، كما يجازي أولياءه بالثواب كذلك يجازي أعداءَه بالعقاب. كقوله في الحمد: {مالك يوم الدين} يريد: يوم الجزاء، {ويعلمون} يريد: يوم القيامة {ان الله هو الحق المبين} وذلك أنّ عبد الله بن أبي كان يشك في الدنيا، وكان رأس المنافقين، فذلك قوله: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق}، ويعلم ابن سلول {أن الله هو الحق المبين} يريد: انقطع الشك، واستيقن حيث لا ينفعه اليقين، {الخبيثات للخبيثين} يريد: أمثال عبد الله بن أبي، ومَن شك في الله، ويقذف مثل سيدة نساء العالمين، {والطيبات للطيبين} عائشة طَيَّبها اللهُ لرسوله؛ أتى بها جبريل في سَرَقَةٍ (١) من حرير قبل أن تُصَوَّر في رَحِم أُمِّها، فقال له: عائشة بنت أبي بكر زوجتُك في الدنيا، وزوجتك في الجنة؛ عِوَضًا من خديجة. وذلك عند موتها، فسُرَّ بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقَرَّ بها عَيْنًا، {والطيبون للطيبات} يريد: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، طَيَّبه اللهُ لنفسه، وجعله سيِّد ولد آدم، والطيبات يريد: عائشة، {أولئك مبرؤن مما يقولون} يريد: بَرَّأها الله مِن كذب عبد الله بن أبي، {لهم مغفرة} يريد: عصمة في الدنيا، ومغفرة في الآخرة، {ورزق كريم} يريد: رزق الجنة، وثواب عظيم (٢). (١٠/ ٦٨١)

٥٢٥٤٧ - عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار-: {إن الذين جاءوا بالإفك}: الكذب، {عصبة منكم} يعني: عبد الله بن أبي المنافق، وحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، {لاتحسبوه شرا لكم} يقول لعائشة وصفوان: لا تحسبوا الذي قيل لكم مِن الكذب شرا لكم، {بل هو خير لكم} لأنّكم تؤجرون على ذلك، {لكل امرئ منهم} يعني: مَن خاض في أمر عائشة {ما اكتسب من الإثم} على قدر ما خاض فيه مِن أمرها، {والذي تولى كبره} يعني: عظمه {منهم} يعني: القَذَفَة، وهو ابن أُبيٍّ رأس المنافقين، وهو الذي قال: ما بَرِئَتْ مِنهُ، وما بَرِئَ منها {له عذاب عظيم} وفي هذه الآية عِبرةٌ عظيمة لجميع المسلمين إذا كانت فيهم خطيئة، فمَن أعان عليها بفِعْل أو كلام، أو عَرَّض بها، أو أعجبه ذلك، أو رضي؛ فهو في تلك الخطيئة على قدر ما كان منه، وإذا كان خطيئة بين المسلمين فمَن شهد وكره


(١) سَرَقَة: قِطعة من جَيِّد الحَرِيرِ. النهاية (سرق).
(٢) أخرجه الطبراني ٢٣/ ١٣٠ - ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>