فهو مثل الغائب، ومَن غاب ورضي فهو مثل شاهد، {لولا إذ سمعتوه} قذفَ عائشة وصفوان؛ {ظن المؤمنون والمؤمنات} لأنّ منهم حَمْنة بنت جحش، يعني: هلّا كذَّبتم به {بأنفسهم خيرا} هلّا ظنَّ بعضُهم ببعضٍ خيرًا أنهم لم يَزْنوا، {وقالوا هذا إفك مبين} ألا قالوا: هذا القذفُ كذبٌ بيِّن، {لولا جاءوا عليه} يعني: على القذف {بأربعة شهداء}، {فأولئك} يعني: الذي قذفوا عائشة {عند الله هم الكاذبون} في قولهم، {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة} مِن تأخُّر العقوبة؛ {لمسكم فيما أفضتم فيه} يعني: في ما قلتم مِن القذف {عذاب عظيم}، {تلقونه بألسنتكم} وذلك حين خاضوا في أمرِ عائشة، فقال بعضهم: سمعت فلانًا يقول كذا وكذا. وقال بعضهم: بلى، كان كذا وكذا. فقال:{تلقونه بالسنتكم} يقول: يرويه بعضُكم عن بعض، {وتقولون بأفواهكم} يعني: بألسنتكم مِن قذفها {ما ليس لكم به علم} يعني: مِن غير أن تعلموا أنّ الذي قلتم مِن القذف حقٌّ، {وتحسبونه هينا} يعني: تحسبون أنّ القذف ذنب هيِّن، {وهو عند الله عظيم} يعني: في الوِزْر، {لولا اذ سمعتموه} يعني: القذف؛ {قلتم ما يكون} يعني: ألا قلتم: ما يكون؛ ما ينبغي {لنا أن نتكلم بهذا} ولم تره أعينُنا! {سبحانك هذا بهتان عظيم} يعني: ألا قلتم: هذا كذب عظيم. مثل ما قال سعدُ بن معاذ الأنصاري؛ وذلك أنّ سعدًا لَمّا سمع قول مَن قال في أمر عائشة قال: سبحانك! هذا بهتان عظيم. والبهتان: الذي يبهت فيقول ما لم يكن، {يعظكم الله أن تعودوا لمثله} يعني: القذف؛ {ان كنتم مؤمنين} يعني: مُصَدِّقين، {ويبين الله لكم الآيات} يعني: ما ذُكِر مِن المواعظ، {أن الذين يحبون ان تشيع الفاحشة} يعني: تَفْشُو، ويظهر الزنا؛ {لهم عذاب أليم في الدنيا} بالحدِّ، {و} في {الآخرة} عذاب النار، {ولولا فضل الله} الآيةَ؛ لعاقبكم بما قلتم لعائشة، {وأن الله رؤوف رحيم} حين عفا عنكم فلم يعاقبكم، {ومن يتبع خطوات الشيطان} يعني: تزيينه؛ {فانه يأمر بالفحشاء} يعني: بالمعاصي، {والمنكر} ما لا يُعْرَف، مثل ما قيل لعائشة، {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} يعني: نعمته؛ {ما زكا} ما صلح، {ولكن الله يزكي} يُصلِح {من يشاء}، فلما أنزل الله عذر عائشة وبرَّأها، وكذَّب الذين قذفوها؛ حلف أبو بكر أن لا يَصِل مسطحَ بن أثاثة بشيء أبدًا؛ لأنه كان في مَنِ ادَّعى على عائشة مِن القذف، وكان مسطح من المهاجرين الأولين، وكان ابنَ خالة أبي بكر، وكان يتيمًا في حِجْره فقيرًا، فلمّا حلف أبو بكر ألا يصله نزلت في أبي بكر:{ولا يأتل} أي: ولا يحلف {أولو الفضل منكم} يعني: في الغنى؛ أبا بكر الصديق، {والسعة} يعني: