[٤٦٣٠] اختُلِف في قوله: {حتى تستأنسوا}؛ فقيل معناه: حتى تستأذنوا. وقال آخرون: حتى تُؤنِسوا أهل البيت بالتنحنح والتنخم وما أشبهه، حتى يعلموا أنكم تريدون الدخول عليهم. ورجَّح ابنُ جرير (١٧/ ٢٤٥ - ٢٤٦) مستندًا إلى اللغة، ودلالة العقل القولَ الأول، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندي أن يُقال: إن الاستئناس: الاستفعال مِن الأُنس، وهو أن يستأذن أهل البيت في الدخول عليهم، مخبرًا بذلك مَن فيه، وهل فيه أحد؟ وليؤذنهم أنه داخل عليهم، فليأنس إلى إذنهم له في ذلك، ويأنسوا إلى استئذانه إياهم، وقد حكي عن العرب سماعًا: اذهب فاستأنس، هل ترى أحدًا في الدار؟ بمعنى: انظر هل ترى فيها أحدًا؟ فتأويل الكلام إذن إذا كان ذلك معناه: يا أيها الذين آمنوا، لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتى تسلموا وتستأذنوا، وذلك أن يقول أحدكم: السلام عليكم، أدخل؟ وهو مِن المقدم الذي معناه التأخير، إنما هو: حتى تسلموا وتستأذنوا، كما ذكرنا مِن الرواية عن ابن عباس». وانتقد ابنُ عطية (٦/ ٣٦٩) مستندًا إلى اللغة جعْل ابن جرير الاستئناس من الأنس بقوله: «وتصريف الفعل يأبى أن يكون من أنس».