فيها جوهرتان؛ إحداهما مثقوبة، والأخرى غير مثقوبة. وقالت للوفد: إن كان نبيًّا فسيُمَيِّز بين الجواري والغلمان، ويخبر بما في الحُقَّة، ويرُدُّ الهدية فلا يقبلها، وإن كان مَلِكًا فسيقبل الهدية، ولا يعلم ما في الحُقَّة. فلما انتهت الهدية إلى سليمان - عليه السلام - ميَّز بين الوصفاء والوصائف مِن قِبَل الوضوء، وذلك أنّه أمرهم بالوضوء، فكانت الجارية تَصُبُّ الماءَ على بطن ساعِدها، والغلام على ظهر ساعده، فميَّز بين الوصفاء والوصائف، وحرَّك الحُقَّة، وجاء جبريل - عليه السلام - فأخبره بما فيها، فقيل له: أدخِل في المثقوبة خيطًا مِن غير حيلة إنس ولا جانٍّ، واثقب الأخرى مِن غير حيلة إنس ولا جانٍّ. وكانت الجوهرة المثقوبة معوجة، فأتته دودةٌ تكون في الفصفصة (١) -وهي الرطبة-، فربط في مُؤَخَّرها خيطًا، فدخلت الجوهرة حتى أنفذت الخيط إلى الجانب الآخر، فجعل رزقها في الفصفصة، وجاءت الأرَضَةُ، فقالت لسليمان: اجعل رزقي في الخشب والسقوف والبيوت. قال: نعم. فثقبت الجوهرةَ، فهذه حيلةٌ مِن غير إنس ولا جان، وسألوه ماءً لم ينزل من السماء، ولم يخرج من الأرض، فأمر بالخيل فأجريت حتى عرقت، فجمع العرق في شيء حتى صفا، وجعله في قداح الزجاج، فعجب الوفد مِن علمه، وجاء جبريل - عليه السلام -، فأخبره بما في الحُقَّة، فأخبرهم سليمان بما فيها، ثم رد سليمان الهدية، {فلما جاء سليمان} قال للوفد: {أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم}(٢)[٤٨٦٨]. (ز)
٥٧٣٠٦ - عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- قال: قولها: {وإني مرسلة إليهم بهدية}، قال: مائتي غلام، ومائتي جارية (٣). (ز)
٥٧٣٠٧ - قال ابن أبي عمر: سُئِل سفيان بن عيينة -وأنا أسمع- عن الهدية التي
[٤٨٦٨] ذكر ابنُ كثير (١٠/ ٤٠٦) ما جاء في هذا القول من أنّ بلقيس أرسلت إلى سليمان قدحًا ليملأه ماء، لا من الأرض ولا من السماء، فأجرى الخيل حتى عرقت، ثم جمع العرق ... إلخ، ثم علّق عليه قائلًا: «والله أعلم أكان ذلك أم لا، وأكثره مأخوذ من الإسرائيليات».