للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على يمين الميدان ويساره، ثم قعد سليمان في مجلسه على سريره، ووُضِع له أربعةُ آلاف كرسي عن يمينه ومثلها عن يساره، وأمر الشياطين أن يَصْطَفُّوا صفوفًا فراسخ، وأمر الإنس فاصْطَفُّوا فراسخ، وأمر الوحوش والسباع والهوام والطير فاصْطَفُّوا فراسخ عن يمينه وعن يساره. فلمّا دنا القومُ مِن الميدان، ونظروا إلى ملك سليمان، ورأوا الدواب التي لم تر أعينهم مثلها تَروثُ على لبن الذهب والفضة؛ تقاصرت أنفسهم، ورموا بما معهم من الهدايا. وفي بعض الروايات: أنّ سليمان لَمّا أمر بفرش الميدان بلبِنات الذهب والفضة أمرهم أن يتركوا على طريقهم موضعًا على قدر موضع اللبنات التي معهم، فلما رأى الرسل موضع اللبنات خاليًا، وكل الأرض مفروشة؛ خافوا أن يُتَّهموا بذلك، فطرحوا ما معهم في ذلك المكان، فلما رأوا الشياطين نظروا إلى منظر عجيب، ففزعوا، فقالت لهم الشياطين: جُوزوا، فلا بأس عليكم. فكانوا يمرون على كُرْدُوس (١) كُرْدُوس من الجن والإنس والطير والهوام والسباع والوحوش، حتى وقفوا بين يدي سليمان، فنظر إليهم سليمان نظرًا حسنًا بوجه طلق، وقال: ما وراءكم؟ فأخبره رئيس القوم بما جاءوا له، وأعطاه كتاب الملِكة، فنظر فيه، ثم قال: أين الحُقَّة؟ فأتى بها، فحركها، وجاء جبريل فأخبره بما في الحُقَّة، فقال: إنّ فيها درة ثمينة غير مثقوبة، وجزعة مثقوبة معوجة الثقب. فقال الرسول: صدقت، فاثقب الدرة، وأدخل الخيط في الخرزة. فقال سليمان: مَن لي بثقبها. فسأل سليمان الإنس ثم الجن، فلم يكن عندهم عِلْمُ ذلك، ثم سأل الشياطين، فقالوا: نرسل إلى الأرَضة. فجاءت الأرضة، فأخذت شعرة في فيها، فدخلت فيها حتى خرجت من الجانب الآخر، فقال لها سليمان: ما حاجتك؟ فقالت: تصير رزقي في الشجرة. فقال: لكِ ذلك. ورُوي: أنّه جاءت دودة تكون في الصَّفْصاف (٢)، فقالت: أنا أدخل الخيط في الثقب على أن يكون رِزقي في الصفصاف. فجعل لها ذلك، فأخذت الخيط بفيها، ودخلت الثقب، وخرجت من الجانب الآخر. ثم قال: مَن لهذه الخرزة فيسلكها في الخيط؟ فقالت دودة بيضاء: أنا لها، يا رسول الله. فأخذت الدودةُ الخيطَ في فيها، ودخلت الثقب حتى خرجت مِن الجانب الآخر، فقال سليمان: ما حاجتك؟ فقالت: تجعل رزقي في الفواكه.


(١) الكُرْدوس: الخَيْل العَظيمة. اللسان (كردس).
(٢) الصَّفْصاف: شَجَر عِظام، يكثر في أرض العرب، وأصنافه كثيرة، ويُسمّى: الخِلاف والسَّوْجر. اللسان (خلف).

<<  <  ج: ص:  >  >>