للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٧٥٣٤ - قال وهب بن مُنَبِّه وغيره: عمدت بلقيس إلى خمسمائة غلام وخمسمائة جارية، فألبست الغلمان لباس الجواري، وجعلت في سواعدهم أساوِر مِن ذهب، وفي أعناقهم أطْواقًا مِن ذهب، وفي آذانهم أقراطًا وشُنوفًا مُرَصَّعات بأنواع الجواهر، وألبست الجواري لباس الغلمان؛ الأقبية والمناطق، وحملت الجواري على خمسمائة رَمَكَة (١)، والغلمان على خمسمائة بِرْذَون، على كل فرس لِجام مِن ذهب مُرَصَّع بالجواهر وغواشيها مِن الديباج الملون، وبعثت إليه خمسمائة لَبِنة مِن ذهب وخمسمائة لبنة مِن فضة، وتاجًا مُكَلَّلًا بالدُّرِّ والياقوت المرتفع، وأرسلت إليه المِسْكَ والعنبر والعود الألنجوج، وعمدت إلى حُقَّةٍ فجعلت فيها دُرَّة ثمينة غير مثقوبة، وخرزة جزعية مثقوبة معوجة الثقب، ودعت رجلًا مِن أشراف قومها يُقال له: المنذر بن عمرو، وضمَّت إليه رجالًا مِن قومها أصحاب رأي وعقل، وكتبت معه كتابًا بنسخة الهدية، وقالت فيه: إن كنت نبيًّا فمَيِّز بين الوصائف والوصفاء، وأخبر بما في الحقة قبل أن تفتحها، واثقب الدرَّ ثقبًا مستويًا، وأدخل خيطًا في الخرزة المثقوبة مِن غير علاج إنس ولا جن. وأمرت بلقيس الغلمان، فقالت: إذا كلَّمكم سليمان فكلموه بكلام تأنيث وتخنيث يشبه كلام النساء. وأمرت الجواري أن يكلمنه بكلام فيه غلظة يشبه كلام الرجال، ثم قالت للرسول: انظر إلى الرجل إذا دخلت عليه؛ فإن نظر إليك نظر غضب فاعلم أنه ملِك، ولا يَهُولَنَّك منظره، فإنّا أعزُّ منه، وإن رأيت الرجل بشاشًا لطيفًا فاعلم أنه نبيٌّ مُرسَل فتفَهَّم قوله، ورُدَّ الجواب. فانطلق الرسول بالهدايا، وأقبل الهدهد مسرعًا إلى سليمان، فأخبره الخبر كله، فأمر سليمان الجنَّ أن يضربوا لَبِنات الذهب ولَبِنات الفضة، ففعلوا، ثم أمرهم أن يبسطوا مِن موضعه الذي هو فيه إلى تسعة فراسخ ميدانًا واحدًا بلبنات الذهب والفضة، وأن يجعلوا حول الميدان حائطًا، شُرَفُها (٢) مِن الذهب والفضة، ثم قال: أي الدواب أحسن مِمّا رأيتم في البر والبحر؟ قالوا: يا نبي الله، إنا رأينا دوابًّا في بحر كذا وكذا منطقة مختلفة ألوانها، لها أجنحة وأعراف ونواصٍ. فقال: عليَّ بها الساعةَ. فأتوا بها، فقال: شدُّوها عن يمين الميدان وعن يساره، على لبنات الذهب والفضة، وألقوا لها علوفتها فيها. ثم قال للجن: عَلَيَّ بأولادكم. فاجتمع خلق كثير، فأقامهم


(١) الرَّمَكَة: هي الفرس وأنثى البِرْذَوْن التي تُتَّخذ للنّسل. اللسان (رمك).
(٢) شُرَفُها: جمع شُّرْفة: وهي ما يُوضَع على أعالي القصور والمدن. لسان العرب (شرف).

<<  <  ج: ص:  >  >>