للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة، فقالت له الكهنة: إنّه يولد العامَ في مصر غلامٌ يُفْسِد عليك مُلكَك، ويكون هلاكُك على يديه. فبعث فرعون في مصر نساء قوابل ينظرْنَ، فإذا ولدت امرأةٌ غلامًا أُتِي به فرعون، فقتله، فكان يستحيي الجواري، فلمّا وُلِد موسى أوحى الله إلى أمه: {أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم}، وهو البحر، فقيل لها: اتخذي تابوتًا، واجعليه فيه، ثم اقذفيه في البحر، ففعلت ذلك، وكان لفرعون قوم سيّارة يغوصون في البحر، فلما رأوا التابوت في البحر قالوا: هذه هديةٌ جاءت مِن السماء لربنا. يعنون: فرعون، فأخذوا التابوت، فانطلقوا به إلى فرعون، فنظر فرعون، فإذا هو غلام، فقال فرعون: إنِّي أراه من الأعداء. أي: من مولودي مصر، فأراد قتله، فقالت امرأة فرعون: {قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا}. قال: وكان فرعونُ لا يولد له إلا البنات، فتركه، فقالت أمُّ موسى لأخته: {قصيه}. يعني: قُصِّي الأثر، فقصَّت الأثر حتى رأته عند فرعون، {فبصرت به عن جنب} يعني: مُجانِبة، تخاف وتتقي، فدُعِي له المراضع، فلم يقبل ثَدْيَ امرأةٍ منهن، فذهبت أخت موسى، فأخبرت أمها، وقالت: اذهبي، فقولي لهم: {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون}. فانطلقت أخت موسى، فقالت لهم ذلك، فقالوا لها: نعم. فقبِل موسى ثديَها، فلم يزل عندهم ترضعه وهم لا يعلمون أنها أمُّه، حتى أتمت الرضاع، ثم ذهبت فتركته عندهم، فبينما موسى ذات يوم عند فرعون إذ لطم فرعون، فقال فرعون: قد قلتُ لكم: إنّه مِن الأعداء. وأراد قتله، فقالت امرأة فرعون: إنه صبيٌّ لا يعقِل، فجرِّبه إن شئتَ؛ اجعل في الطست ذهبًا وجمرة، فانظر على أيِّهما يقبض. ففعل فرعون ذلك، فأراد موسى أن يقبض على الذهب، فضرب الملَك الذي وُكِّل به يده، فصرفها إلى الجمرة، فقبض عليها موسى، فألقاها في فيه، فقالت امرأة فرعون: ألم أقل لك: إنه لا يعقل. قال: وكان إيمان امرأة فرعون من قِبَل امرأة خازن فرعون، وكان إيمان خازن فرعون مِن أثر يوسف، وإن امرأة خازن فرعون مشطت ابنة فرعون يومًا، فوقع منها المشط، فقالت: تعس مَن كفر بالله. فقالت لها بنتُ فرعون: ألكِ ربٌّ غير أبي؟ فقالت: ربِّي وربُّ أبيك وربُّكِ وربُّ كلِّ شيء اللهُ. فلطمتها ابنةُ فرعون، وضربتها، وأخبرت أباها، فأرسل إليها فرعون، فقال لها: أتعبدين ربًّا غيري؟ فقالت: ربي وربُّك وربُّ كل شيء اللهُ، وإيّاه أعبد. فكذبها فرعون، وأوتد لها أوتادًا، فشدَّ يديها ورجليها، وأرسل عليها الحيّات، وكانت كذلك، فأتى عليها يومًا، فقال لها: أما أنتِ مُنتَهِيَة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>