للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيها يقتلون، وكان هارون أكبر منه بسنة. فلمّا أراد بموسى - عليه السلام - ما أراد، واستنقاذ بني اسرائيل مِمّا هم فيه مِن البلاء؛ أوحى الله إلى أُمِّ موسى حين تقارب ولادها: {أن أرضعيه} (١). (١١/ ٤٢٦)

٥٨١٠٣ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: كان مِن شأن فرعون أنّه رأى رؤيا في منامه: أنّ نارًا أقبلت مِن بيت المقدس، حتى إذا اشتملت على بيوت مصر، فأحرقت القبط، وتركت بني إسرائيل، فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة -وهم العافَةُ الذين يَزْجُرون الطير-، فسألهم عن رؤياه، فقالوا له: يخرج مِن هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه -يعنون: بيت المقدس- رجلٌ يكون على وجهه هلاكُ مصر. فأمر بني اسرائيل ألّا يُولَد لهم غلام إلا ذبحوه، ولا يُولَد لهم جارية إلا تُرِكَت، وقال للقبط: انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجًا فأدْخِلوهم، واجعلوا بني إسرائيل يَلُون تلك الأعمال القذرة. فجعل بني اسرائيل في أعمال غِلمانهم، فذلك حين يقول الله: {إن فرعون علا في الأرض} يقول: تَجَبَّر في الأرض، {وجعل أهلها شيعا} يعني: بني اسرائيل، {يستضعف طائفة منهم} حين جعلهم في الأعمال القذرة. وجعل لا يُولَد لبني إسرائيل مولود إلا ذُبِح، فلا يكبر صغير، وقذف الله في مشيخة بني إسرائيل الموت، فأسرع فيهم، فدخل رؤوس القِبْط على فرعون، فكلموه، فقالوا: إنّ هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت، فيُوشك أن يقع العمل على غِلماننا بذبح أبناءهم، فلا يبلغ الصغار فيُعِينون الكبار، فلو أنّك كُنت تُبْقِي مِن أولادهم؟ فأمر أن يُذبَحوا سنة، ويُترَكوا سنة، فلما كان في السنة التي لا يُذبَحون فيها وُلِد هارون - عليه السلام - فتُرِك، فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى - عليه الصلاة والسلام-، فلما أرادت وضعه حزِنت مِن شأنه، فلما وضعته أرضعته، ثم دعتْ له نَجّارًا، وجعلت له تابوتًا، وجعلت مفتاح التابوت مِن داخل، وجعلته فيه، وألقته في اليم -وهو النيل-، فأقبل الموجُ بالتابوت، يرفعه مرة، ويخفضه أخرى، حتى أدخله عند بيت فرعون، فخرجْنَ جواري آسية امرأة فرعون يغتسِلْنَ، فوَجَدْن التابوت، فأدخلنه إلى آسية، وظَنَنَّ أنّ فيه مالًا، فلمّا تحرك الغلامُ رأته آسيةُ صبيًّا، فلما نظرته آسيةُ وقعت عليه رحمتُها، وأحبَّتْه، فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه، فلم تزل آسيةُ تُكَلِّمه حتى تركه لها، وقال: إنِّي أخاف أن


(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٠ - ٢٩٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>