للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقول: لا إله إلا الله. كيما تحل له الشفاعة، فأبى عليه (١). (١١/ ٤٩٢)

٥٨٩٩١ - قال مقاتل بن سليمان: {إنك لا تهدي من أحببت}، وذلك أنّ أبا طالب بن عبد المطلب قال: يا معشر بني هاشم، أطيعوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وصدِّقوه؛ تفلحوا وترشدوا. قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ياعمِّ، تأمرهم بالنصيحة لأنفسهم، وتدعها لنفسك!». قال: فما تريد، أيا ابن أخي؟ قال: «أريد منك كلمة واحدة، فإنّك في آخر يوم من الدنيا، أن تقول: لا إله إلا الله. أشهد لك بها عند الله». قال: يا ابن أخي، قد علمتُ أنّك صادق، ولكني أكره أن يقال: جزِع عند الموت، ولولا أن يكون عليك وعلى بني أبيك غَضاضة وسُبَّة لَقُلتُها، ولأقررتُ بعينك عند الفراق لِما أرى مِن شِدَّة وجدك ونصيحتك، ولكن سوف أموتُ على مِلَّة أشياخ عبد المطلب، وهاشم، وعبد مناف. فأنزل الله عزوجل: {إنك لا تهدي من أحببت} (٢). (ز)

٥٨٩٩٢ - قال محمد بن إسحاق: ... لَمّا رأى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تكذيبَهم بالحق قال: «لقد دعوتُ قومي إلى أمرٍ ما اشتططت في القول». فقال عمه: أجل لم تشتط. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك -وأعجبه قولُ عمِّه-: «يا عمِّ، بِكَ عَلَيَّ كرامةٌ، ويدك عندي حسنة، ولستُ أجد اليومَ ما أجزيك به، غير أني أسألك كلمة واحدة تحل لي بها الشفاعة عند ربي، أن تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. تصيب بها الكرامة عند الممات، فقد حيل بينك وبين الدنيا، وتنزل بكلمتك هذه الشرف الأعلى في الآخرة». فقال له عمُّه: واللهِ، يا ابن أخي، لولا رهبة أن ترى قريش إنّما ذعرني الجزع، وتعهدك بعدي سبة تكون عليك وعلى بني أبيك غضاضة؛ لفعلت الذي تقول، وأقررتُ بها عينك، لِما أرى مِن شِدة وجدك ونصحك لي. ثم إنّ أبا طالب دعا بني عبد المطلب، فقال: إنّكم لن تزالوا بخير ما سمعتم قولَ محمد، واتبعتم أمره، فاتبعوه وصدقوه ترشدوا. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: «تأمرهم بالنصيحة، وتدعها لنفسك!». فقال له عمه: أجل، لو سألتني هذه الكلمة وأنا صحيحٌ لها لاتبعتك على الذي تقول، ولكني أكره الجزع عند الموت، وترى قريش أني أخذتها عند الموت، وتركتها وأنا صحيح. فأنزل الله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} (٣). (ز)


(١) أخرجه ابن جرير ١٨/ ٢٨٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٩٤. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٣٥٠.
(٣) سيرة ابن إسحاق ص ٢٢١، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٦/ ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>