للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخمر، فلبثا في الأرض زمانًا يحكمان بين الناس بالحق، وذلك في زمان إدريس، وفي ذلك الزمان امرأة حُسْنُها في النساء كحُسْنِ الزُّهْرَة في سائر الكواكب، وإنهما أتيا عليها، فخضعا لها في القول، وأراداها عن نفسها، فأبَت إلّا أن يكونا على أمرها ودينها، فسألاها عن دينها، فأخرجت لهما صنمًا، فقالت: هذا أعبده. فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا. فذهبا، فَغَبرا ما شاء الله، ثم أتيا عليها فأراداها عن نفسها، ففعلت مثل ذلك، فذهبا، ثم أتيا عليها، فأراداها عن نفسها، فلما رأت أنهما أبَيا أن يعبدا الصنم قال لهما: اختارا أحد الخِلال الثلاث؛ إما أن تعبدا هذا الصنم، وإما أن تقتلا هذا النفس، وإما أن تشربا هذا الخمر. فقالا: كل هذا لا ينبغي، وأهون الثلاثة شرب الخمر. فشربا الخمر، فأخذت منهما، فواقعا المرأة، فخشيا أن يُخْبِر الإنسانُ عنهما، فقتلاه، فلما ذهب عنهما السُّكْر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أرادا أن يصعدا إلى السماء، فلم يستطيعا، وحيل بينهما وبَيْنَ ذلك، وكُشِفَ الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء، فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه، فعجبوا كل العَجَب، وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية، فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لِمن في الأرض، فنزل في ذلك: {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض} [الشورى: ٥]. فقيل لهما: اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة. فقالا: أمّا عذاب الدنيا فإنه ينقطع ويذهب، وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له. فاختارا عذاب الدنيا، فجُعِلا ببابل، فهما يعذبان (١) [٤٠٦]. (١/ ٥١٥)

٣١٤٨ - عن عبد الله بن عباس -من طريق يزيد الفارسي- قال: إنّ أهل سماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض، فرأوهم يعملون بالمعاصي، فقالوا: يا رب، أهل الأرض يعملون بالمعاصي. فقال الله: أنتم معي، وهم غَيْبٌ عني. فقيل لهم: اختاروا منكم ثلاثة. فاختاروا منهم ثلاثة، على أن يهبطوا إلى الأرض؛ يحكمون بين أهل الأرض، وجُعِل فيهم شهوةُ الآدمِيِّين، فأُمِرُوا أن لا يشربوا خمرًا، ولا يقتلوا نفسًا، ولا يزنوا، ولا يسجدوا لوثن، فاستقال منهم واحد، فأُقِيل، فأُهْبِط اثنان إلى


[٤٠٦] علَّقَ ابن كثير (١/ ٥٢٩) على أثر ابن عباس هذا بقوله: «فهذا أقرب ما روي في شأن الزُّهْرَة».

<<  <  ج: ص:  >  >>