الأرض، فأتتهما امرأة من أحسن الناس يقال لها: أناهِيذ، فهَوِياها جميعًا، ثم أتيا منزلها، فاجتمعا عندها، فأراداها، فقالت لهما: لا، حتى تشربا خمري، وتقتلا ابن جاري، وتسجدا لوثني. فقالا: لا نسجد. ثم شربا من الخمر، ثم قتلا، ثم سجدا، فأشرف أهل السماء عليهما، وقالت لهما: أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طِرْتُما. فأخبراها، فطارت، فمُسِخَت جَمْرَة، وهي هذه الزُّهْرَة. وأما هما فأرسَل إليهما سليمان بن داود، فخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا، فهما مُناطان (١) بين السماء والأرض (٢)[٤٠٧]. (١/ ٥١٧)
٣١٤٩ - عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي شعبة العدوي- قال: إن الله أفرج السماء لملائكته ينظرون إلى أعمال بني آدم، فلما أبصروهم يعملون بالخطايا قالوا: يا رب، هؤلاء بنو آدم الذي خلقت بيدك، وأسجدت له ملائكتك، وعلمته أسماء كل شيء، يعملون بالخطايا؟! قال: أما إنّكم لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم. قالوا: سبحانك، ما كان ينبغي لنا. فأمروا أن يختاروا مَلَكَيْن ليهبطا إلى الأرض، فاختاروا هاروت وماروت، فأُهْبِطا إلى الأرض، وأُحِلَّ لهما ما فيها من شيء، غير أنهما لا يشركا بالله شيئًا، ولا يسرقا، ولا يزنيا، ولا يشربا الخمر، ولا يقتلا النفس التي حرم الله إلا بالحق. فعَرَض لهما امرأةٌ قد قُسِم لها نصفُ الحُسْن، يقال لها: بَيْذَخَت، فلما أبصراها أراداها، قالت: لا، إلا أن تشركا بالله، وتشربا الخمر، وتقتلا النفس، وتسجدا لهذا الصنم. فقالا: ما كنا نشرك بالله شيئًا. فقال أحدهما للآخر: ارجع إليها. فقالت: لا، إلا أن تشربا الخمر. فشربا حتى ثَمِلا، فدخل عليهما سائل فقتلاه، فلما وقعا فيما وقعا فيه أفرج الله السماء لملائكته، فقالوا: سبحانك، أنت أعلم. فأوحى الله إلى سليمان بن داود أن يُخَيِّرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا، فكُبِّلا من أكْعُبِهِما إلى أعناقهما بمثل أعْناقِ البُخْت، وجُعِلا ببابل (٣). (١/ ٥١٩)
٣١٥٠ - عن خُصَيْف، قال: كنت مع مجاهد، فمر بنا رجل من قريش، فقال له
[٤٠٧] علَّقَ ابن كثير (١/ ٥٣٠) على أثر ابن عباس هذا بقوله: «وهذا السياق فيه زيادات كثيرة، وإغراب ونكارة».