للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجاهد: حدثنا ما سمعت من أبيك؟ قال: حدثني أبي: أن الملائكة حين جعلوا ينظرون إلى أعمال بني آدم وما يركبون من المعاصي الخبيثة، وليس يستر الناسَ من الملائكة شيءٌ، فجعل بعضهم يقول لبعض: انظروا إلى بني آدم كيف يعملون كذا وكذا! ما أجرأهم على الله! يَعِيبونهم بذلك. فقال الله لهم: قد سمعتُ الذي تقولون في بني آدم، فاختاروا منكم مَلَكَيْن أُهْبِطُهما إلى الأرض، وأجعل فيهما شهوة بني آدم. فاختاروا هاروت وماروت، فقالوا: يا رب، ليس فينا مثلهما. فأُهْبِطا إلى الأرض، وجُعِلَت فيهما شهوة بني آدم، ومُثِّلَتْ لهما الزُّهْرَة في صورة امرأة، فلما نظرا إليها لم يتمالكا أن تناولا ما الله أعلم به، وأخذت الشهوة بأسماعهما وأبصارهما، فلما أرادا أن يطيرا إلى السماء لم يستطيعا، فأتاهما مَلَك، فقال: إنكما قد فعلتما ما فعلتما، فاختارا عذاب الدنيا، أو عذاب الآخرة. فقال أحدهما للآخر: ماذا ترى؟ قال: أرى أن أُعَذَّب في الدنيا، ثم أُعَذَّب، أحب إلي من أن أُعَذَّب ساعة واحدة في الآخرة. فهما مُعَلَّقان مُنَكَّسان في السلاسل، وجُعِلا فتنة (١). (١/ ٥١٩)

٣١٥١ - عن عبيد الله بن عبد الله -من طريق الزهري- في هذه الآية: كانا مَلَكَيْن من الملائكة، فأُهْبِطا ليحكما بين الناس؛ وذلك أن الملائكة سَخِروا من حُكّام بني آدم، فحاكمت إليهما امرأة، فَحافا لها (٢)، ثم ذهبا يصعدان، فحيل بينهما وبين ذلك، وخُيِّرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا (٣). (١/ ٥١٨)

٣١٥٢ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- قال: وأما شأن هاروت وماروت؛ فإن الملائكة عَجِبت من ظُلْم بني آدم وقد جاءتهم الرسل والكتب والبينات، فقال لهم ربهم: اختاروا منكم مَلَكَيْن أُنزِلُهما في الأرض بين بني آدم. فاختاروا -فلم يَأْلوا- هاروت وماروت، فقال لهما حين أنزلهما: أعَجِبْتُما من بني آدم ومن ظلمهم ومعصيتهم؟ وإنما تأتيهم الرسل والكتب من وراءَ وراءَ، وأنتما ليس بيني وبينكما رسول، فافعلا كذا وكذا، ودَعا كذا وكذا. فأمرهما بأمر، ونهاهما، ثم نزلا على ذلك، ليس أحدٌ أطوعَ لله منهما، فحَكَما فعَدَلا، فكانا يحكمان النهار بين بني آدم، فإذا أمسيا عَرَجا وكانا مع الملائكة، وينزلان حين يُصْبِحان فيحكمان فيعدلان، حتى أُنزِلت عليهما الزُّهْرَةُ في أحسن صورة امرأة تُخاصم، فقضيا عليها،


(١) أخرجه سعيد بن منصور (٢٠٥).
(٢) حافا لها: مالا عن الحق وظلما في الحكم لأجلها. لسان العرب (حيف).
(٣) أخرجه عبد الرزاق ١/ ٥٣، وابن جرير ٢/ ٣٣٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>