للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلما قامت وجَد كل واحد منهما في نفسه، فقال أحدهما لصاحبه: وجدتَ مثل ما وجدتُ؟ قال: نعم. فبعثا إليها: أن ائْتِينا نَقْضِ لك. فلَمّا رجعت قالا لها -وقَضَيا لَها-: ائْتِينا. فأتتهما، فكشفا لها عن عورتهما، وإنما كانت شهوتهما في أنفسهما، ولم يكونا كبني آدم في شهوة النساء ولَذَّتها، فلما بلغا ذلك واسْتَحَلّاه وافْتَتَنا طارت الزُّهْرَة، فرجعت حيث كانت، فلما أمسيا عَرَجا، فزُجِرا، فلم يُؤْذَن لهما، ولم تحملْهما أجنحتُهما، فاستغاثا برجل من بني آدم، فأتياه، فقالا: ادع لنا ربك. فقال: كيف يشفع أهلُ الأرض لأهل السماء؟ قالا: سمعنا ربك يذكرك بخير في السماء. فوعدهما يومًا يدعو لهما، فدعا لهما، فاستجيب له، فخُيِّرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فنظر أحدهما إلى صاحبه، فقالا: نعلم أن أفواج عذاب الله في الآخرة كذا وكذا في الخُلْد، نعم، ومع الدنيا سبع مرات مثلها. فأُمِرا أن يَنزِلا ببابل، فثَمَّ عذابُهما، وزعم أنهما مُعَلَّقان في الحديد، مَطْوِيّان، يَصْطَفِقان بأجنحتهما (١). (١/ ٥٢٩)

٣١٥٣ - عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط-: أنّه كان من أمْرِ هاروت وماروت أنهما طَعَنا على أهل الأرض في أحكامهم، فقيل لهما: إني أعطيت ابن آدم عشرًا من الشهوات، فبها يعصونني. قال هاروت وماروت: ربنا، لو أعطيتنا تلك الشهوات ثم نزلنا لَحَكَمْنا بالعدل. فقال لهما: انزِلا، فقد أعطيتكما تلك الشهوات العشر، فاحكما بين الناس. فنزلا ببابل دُنباوَند، فكانا يحكمان، حتى إذا أمسيا عَرَجا، فإذا أصبحا هَبَطا، فلم يزالا كذلك حتى أتتهما امرأة تخاصم زوجها، فأعجبهما حسنها، واسمها بالعربية: الزُّهَرة، وبالنبطية: بَيْذَخَت، واسمها بالفارسية: أناهِيذ، فقال أحدهما لصاحبه: إنها لتعجبني. فقال الآخر: قد أردت أن أذكر لك فاستحييت منك. فقال الآخر: هل لك أن أذكرها لنفسها؟ قال: نعم، ولكن كيف لنا بعذاب الله؟ قال الآخر: إنا نرجو رحمة الله. فلما جاءت تُخاصِمُ زوجَها ذكرا إليها نفسَها، فقالت: لا، حتى تقضيا لي على زوجي. فقضيا لها على زوجها، ثم واعدتهما خَرِبَةً مِنَ الخِرَب يأتيانها فيها، فأتياها لذلك، فلما أراد الذي يواقعها قالت: ما أنا بالذي أفعل حتى تخبراني بأي كلام تصعدان إلى السماء؟ وبأي كلام تنزلان منها؟ فأخبراها، فتكلمت فصعدت، فأنساها الله ما تَنزِل به، فبقيت مكانها،


(١) أخرجه ابن جرير ٢/ ٣٤٨، وابن أبي حاتم ١/ ١٩٢ مختصرًا. وأورده ابن أبي زمنين ١/ ١٦٥ عن يحيى بن سلام مختصرًا وقال: وقد ذكر يحيى عن غير مجاهد: أن المرأة التي افتتنا بها كانت من نساء أهل الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>