للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجعلها الله كوكبًا -فكان عبد الله بن عمر كلما رآها لعنها، وقال: هذه التي فتنت هاروت وماروت-، فلما كان الليل أرادا أن يصعدا، فلم يستطيعا، فعرفا الهَلَكَة، فخُيِّرا بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا من عذاب الآخرة، فعُلِّقا ببابل، فجعلا يكلمان الناس كلامهما، وهو السحر (١). (ز)

٣١٥٤ - عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قال: لَمّا وقع الناسُ من بعد آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله، قالت الملائكة في السماء: أي ربِّ، هذا العالَمُ إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك، وقد رَكِبوا الكفرَ، وقتلَ النفس الحرام، وأكلَ المال الحرام، والسرقةَ، والزنا، وشربَ الخمر. فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم، فقيل لهم: إنهم في غيب، فلم يعذروهم، فقيل لهم: اختاروا منكم مَلَكَيْن، آمرهما بأمري، وأنهاهما عن معصيتي. فاختاروا هاروت وماروت، فأُهْبِطا إلى الأرض، وجُعِلَ بهما شهوات بني آدم، وأُمِرا أن يعبدا الله، ولا يشركا به شيئًا، ونُهِيا عن قتل النفس الحرام، وأكل المال الحرام، والسرقة، والزنا، وشرب الخمر، فلَبِثا على ذلك في الأرض زمانًا يحكمان بين الناس بالحق، وذلك في زمان إدريس، وفي ذلك الزمان امرأة حُسْنُها في سائر الناس كحُسْنِ الزُّهْرَة في سائر الكواكب، وأنها أتت عليهما، فخضعا لها بالقول، وأراداها على نفسها، وأنها أبت إلا أن يكونا على أمرها ودينها، وأنهما سألاها عن دينها الذي هي عليه، فأخرجت لهما صنمًا، فقالت: هذا أعبده. فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا. فذهبا فصبرا ما شاء الله، ثم أتيا عليها، فخضعا لها بالقول، وأراداها على نفسها، فقالت: لا، إلا أن تكونا على ما أنا عليه. فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا. فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم، قالت لهما: اختارا إحدى الخلال الثلاث؛ إما أن تعبدا الصنم، أو تقتلا النفس، أو تشربا هذه الخمر. فقالا: كل هذا لا ينبغي، وأهون الثلاثة شرب الخمر. فسقتهما الخمر، حتى إذا أخذت الخمرة فيهما وقعا بها، فمَرَّ إنسان وهما في ذلك، فخشيا أن يُفْشِيَ عليهما فقَتَلاه، فلما أن ذهب عنهما السُّكْرُ عرفا ما قد وقعا فيه من الخطيئة، وأرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا، وكُشِف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء، فنظرت الملائكة إلى ما قد وقعا فيه من الذنوب، وعرفوا أنه من كان في غَيْبٍ فهو أقل خشية، فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض، فلما وقعا فيما


(١) أخرجه ابن جرير ٢/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>