للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٦٠٣٣١ - عن نيار بن مكرم الأسلمِيّ -من طريق عروة بن الزبير- قال: لما نزلت: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ} كانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين الروم، وكان المسلمون يُحِبُّون ظهور الروم عليهم؛ لأنهم وإيّاهم أهل كتاب، وفي ذلك يقول الله: {ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللَّهِ}، وكانت قريش تحب ظهور فارس؛ لأنهم وإياهم ليسوا أهل كتاب ولا إيمان ببعْث. فلما أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر يصيح في نواحي مكة: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * في أدْنى الأَرْضِ وهُمْ مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * في بِضْعِ سِنِينَ}. فقال ناس من قريش لأبي بكر: ذاك بيننا وبينكم، يزعم صاحبُك أنّ الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نُراهِنك على ذلك! قال: بلى. وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر والمشركون، وتواضعوا الرهان، وقالوا لأبي بكر: لِمَ تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين؟ فسمِّ بيننا وبينك وسطًا ننتهي إليه. قال: فسَمَّوا بينهم سِتَّ سنين، فمضت الست قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكر تسميته ست سنين، قال: لأنّ الله قال: {فِي بِضْعِ سِنِينَ}. فأسلم عند ذلك ناسٌ كثير (١). (١١/ ٥٧٦)

٦٠٣٣٢ - عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق أبي بكر بن عبد الله-: أنّ الروم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض، قالوا: وأدنى الأرض يومئذ أذْرِعات (٢)، بها التقوا، فُهزِمت الروم، فبلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهم بمكة، فشق ذلك عليهم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره أن يظهر الأُمِّيُّون مِن المجوس على أهل الكتاب من الروم، ففرح الكفار بمكة، وشمتوا، فلَقَوا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إنكم أهل الكتاب، والنصارى أهل كتاب، ونحن أميون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب، وإنكم إن قاتلتمونا لَنَظْهَرَنَّ عليكم. فأنزل الله: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * في أدْنى الأَرْضِ وهُمْ مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * في بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأمْرُ مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللَّهِ}، فخرج أبو بكر الصديق إلى الكفار، فقال: أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا؟! فلا تفرحوا، ولا يُقِرَّنَّ الله


(١) أخرجه الترمذي ٥/ ٤١٣ - ٤١٤ (٣٤٧١).
قال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد». وقال الألباني في الضعيفة ٧/ ٣٦٦: «إسناده حسن».
(٢) أذْرِعات: بلد في أطراف الشام. معجم البلدان ١/ ١٣٠. وتسمى حاليًا: درعا، وتبعد ١١٠ كم جنوب دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>